لما أسر العدو أبا فراس الحمداني، وكان مقاتلا شجاعا، أبطأ سيف الدولة الحمدانية، – وهو ابن عمه – في فدائه، فأرسل له هذه القصيدة يستعطفه بها، من جملة قصائد استعطاف كثيرة، كتبها في الأسر.
أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ //// وَلا لِمُسِيء عِنْدَكُنّ مَتَابُ؟
إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة //// فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ //// وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟
وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ //// ذئاباً على أجسادهنَّ ثيابُ
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة //// بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ
وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم//// إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا
وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ //// ولا كلِّ قوالٍ لديَّ يجابُ
إلى الله أشْكُو أنّنَا بِمَنَازِلٍ //// تحكمُ في آسادهنَّ كلابُ
أنا الجارُ لا زادي بطيءٌ عليهمُ //// وَلا دُونَ مَالي لِلْحَوَادِثِ بَابُ
وَلا أطْلُبُ العَوْرَاءَ مِنْهُمْ أُصِيبُهَا //// وَلا عَوْرَتي للطّالِبِينَ تُصَابُ
وَأبطَأ عَنّي، وَالمَنَايَا سَرِيعة ٌ //// وَلِلْمَوْتِ ظُفْرٌ قَدْ أطَلّ وَنَابُ
فأَحْوَطَ لِلإسْلامِ أنْ لا يُضِيعَني //// ولي عنهُ فيهِ حوطة ٌ ومنابُ
ولكنني راضٍ على كل حالة //// ليعلمَ أيُّ الحالتينِ سرابُ
وما زلتُ أرضى بالقليلِ محبة //// لديهِ وما دونَ الكثيرِ حجابُ
وَقد كنتُ أخشَى الهجرَ والشملُ جامعٌ//// وفي كلِّ يومٍ لقية ٌ وخطابُ
فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ //// وَللبَحْرِ حَوْلي زَخْرَة ٌ وَعُبَابُ
أمنْ بعدِ بذلِ النفسِ فيما تريدهُ //// أُثَابُ بِمُرّ العَتْبِ حِينَ أُثَابُ؟
فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ//// وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ //// وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ
فإن صح منك الود فالكل هين//// وكل الذي فوق التراب تراب