لماذا يجب علينا أن نوقف المركبة جيدا – ولا نكتفي بتثبيت قدمنا على المكابح – عند التوقف المؤقت، ويجب أن نتأكد من ثباتها، وأنها لن تتحرك، إلا بعد أن نخطو، خطوات عدة، تبدأ بنزع المكابح اليدوية، ونقل محرك السرعات، من (التوقف)، إلى درجة من درجات السرعة؟
لماذا يجب علينا، أن نخفض السرعة إلى الحد الأدنى – أقرب إلى التوقف – حين نرى كرة عابرة، من رصيف إلى آخر، مع أننا تأكدنا، أنها استقرت هناك؟
لماذا يجب علينا، أن نتأكد من أمن الطريق أولا – خاصة عند خلوه – حين تمنحنا الإشارة الضوئية المرورية الخضراء، حق العبور؟
لماذا يجب علينا، أن نتأكد من مشاهدة الأطفال، الذين ترجلوا من المركبة، وهم يبتعدون، قبل أن نشرع بالتحرك بها ثانية، خاصة إذا كان التحرك إلى الخلف؟
لماذا يجب علينا، أن نرفع درجة الانتباه والحذر، إذا كانت المركبة، التي بجوارنا، أو أمامنا، تضج بالأطفال، خاصة إذا لاحظنا حركتهم، أو إذا كانت أمهم، هي التي تقود المركبة بهم؟
لماذا يجب علينا، أن نحترم الكبار: (الشاحنات، والحافلات)، ونتجنب مزاحمتهم، عند الالتفاف، والدوران، والتحويلات، حتى لو كنا أصحاب الحق بالمرور.
لماذا يجب ألا نثق بالإشارة، التي تنظم عبور المشاة، سواء كنا مشاة، أو سائقين، حتى نتأكد من أن الطرف الآخر، يحترمها جيدا، وأمـَّن سيرنا بسلام؟
كل ذلك، لم توجبه علينا، قوانين المرور المكتوبة، ولا حتى مبادئ القيادة الدفاعية، التي تتوقع وقوع أخطاء، من السائقين الآخرين، وإنما توجبه قوانين العقل الحذر، والحس المرهف، وما نسميه نحن، بالقيادة المسؤولة، والقيادة الحكيمة، وقد يكون لنا في الغراب عبرة:
يروى أن أم الغراب، أخذت تحذر صغيرها يوما، من غدر البشر، وشرهم، وأنهم أكثر خطرا عليه، من الحيوانات الكاسرة، والجوارح المفترسة، قائلة: يا بني، إذا رأيت إنسانا، وأنت تأكل طعامك، فلا تدعه يفارق بصرك، فإذا اقترب باتجاهك، فتوقف عن تناول الطعام، وخذ حذرك، فإذا خفض رأسه، ومد يده إلى الأرض، فحلق بعيدا سريعا، لأنه يتناول حجرا ليرميك.
فقال لها الغراب الصغير: لماذا أنتظر حتى يدنو من الأرض، فلعله يحمل حجرا في جيبه، أو وضع يده خلف ظهره، وفيها حجر يريد أن يرميني به.
فقالت له أمه: اذهب، لست بحاجة للتحذير، وصار المثل: (أحذر من غراب).