في أحد الاجتماعات الخليجية للمتخصصين طرح وفد دولة الإمارات – الذي كنت جزءاً منه – مبدأ التعامل مع مخالفي قواعد السير والمرور، بوصفهم مخالفي آداب وسلوكيات، ثم التعامل مع الالتزام بقوانين السير والمرور، بوصفه جزءاً من سلوك المرء وأخلاقه ومبادئه عامة، وهو المبدأ الذي طالما نادى به الحكماء، حتى أن أحد الحكماء صرح يوماً: بأن ارتكاب المخالفات المرورية من قبل الشباب، يعد نوعاً من أنواع عقوق الوالدين، ويتنافى مع مبادئ البر، الذي يستدعي عدم تعريضهما للأذى والحزن، وربما الفاجعة الكبرى، عندما يفقد الوالدان فلذة كبدهما في لحظة طيش.
نعود لاجتماعات المتخصصين حيث أنبرى أحد أعضاء الوفود للدفاع عن الشاب المرتكب للمخالفات المرورية، رافضاً ربط السلوك المروري الخاص بالسلوك الأخلاقي العام قائلاً: أرفض أن أتهم ابني بأنه قليل أدب، وقليل تربية، لأنه يرتكب مخالفات مرورية، فهذا أمر وذاك أمر آخر؛ فسأله أحدهم إذا تعرض ابنك لمشكلة مع زملائه واستخدموا العنف معه، وربما سببوا له عاهة، هل يعد سلوكهم من الأخلاق؟ فنفى ذلك بشدة، فقال له: إذن كيف يعد من حسن الخلق أن يتجاوز الشاب القواعد والسلوكيات – العقلية قبل أن تكون قانونية – ويرتكب مخالفات ربما تتسبب في أية لحظة في وقوع حادث، قد ينتج عنه وفيات أو عاهات أو إصابات، وفي أقل تقدير أذى نفسي للناس، وإتلاف لممتلكاتهم.
إن القواعد الأخلاقية العامة، عالجت هذه القضية من حيث المبدأ، فحين نحسن تربية أبنائنا، يحسنون التجاوب بعد ذلك مع توجيهاتنا، وحين نبين لهم مبكراً – كما جاء في الأثر – أن “المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى” فيجب عليهم حينها، أن يلقوا التسرع جانباً – وهو دافع معظم المخالفات المرورية – ويجنحوا إلى الرفق الذي ما خالط فعلاً إلا زانه.
المعتصم بالله البعاج.