يضع الكثير من الناس على مركباتهم ملصقات مكتوبا عليها: (لا تنسى ذكر الله)، وهذا مخالف لقواعد اللغة العربية، وتؤدي المخالفة للقواعد، أو ما يسمى باللحن، إلى فهم الكلام فهما غير صحيح.
فالعبارة الصحيحة يجب أن تكون: (لا تنس ذكر الله)، وقد يحتج بعضهم بورود عبارة (لا تنسى) في القرآن الكريم: {سنقرئك فلا تنسى} دون جزم، فيظنون أن لهم الحق، في استخدامها كما جاءت، وهذه مخالفة لقواعد الفهم.
فصحيح أن الجملتين صحيحتان، ومستخدمتان، ولكن لهما معنيين مختلفين، ولا يمكن أن نستخدم إحداهما في مكان الأخرى، لأن لكل منهما معنى، فإذا أردنا معنى واحداً، فإحداهما صحيحة، والأخرى غير صحيحة، وما ورد في القرآن الكريم تقرير لحالة، وليس أمرا أو نهيا، كما تقتضيه حالة الملصق الذي، يتضمن معنى النهي: (لا تنس ذكر الله).
لأن (لا تنسَ ذكر الله) أسلوب نهي، ومعناه توجيه وطلب وأمر للمخاطب، بأن يتجنب نسيان ذكر الله، واللام هنا لام النهي الجازمة، التي تدخل على الفعل المضارع، فتجزمه، ويكون جزم الفعل المضارع المعتل (الذي آخره حرف علة) بحذف حرف العلة من آخره، وهو الألف المقصورة هنا، فإذا أردنا أن نأمر إنساناً بعدم النسيان، أي ننهاه عن النسيان، فالصحيح أن نقول له: (لا تنسَ ذكر الله).
أما قولنا: (لا تنسى ذكر الله)، فهي صحيحة بمعنى آخر، ليس فيه أمر ولا نهي، فاللام تكون هنا لام النفي، أي أننا ننفي عن الشخص الذي أمامنا هذه الصفة: (صفة نسيان ذكر الله)، كأن نقول لشخص أنت إنسان صالح، لا تنسى ذكر الله، أي تظل متذكرا ربك دائما.
وقول الله تعالى: (سنقرئك فلا تنسى)، يندرج تحت المعنى الثاني، فالله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، مقرراً وليس آمراً، فهو يطمئنه إلى أنه سيقرئه القرآن، وأنه لن ينسى ما يأتيه، من عند الله سبحانه وتعالى (إلا ما شاء الله)، وليست (لا) هنا لام النهي الجازمة، وإنما لام النفي غير العاملة.