التبس لدى عدد من المثقفين، ورود لفظة (أي) مضافة إلى المؤنث، في قول الله تعالى: {في أي صورة ما شاء ركبك}، وظنوا أنه لا صحة، لاستخدام (أية) مع المؤنث، وأن (أي) فقط، تستخدم للمذكر والمؤنث إطلاقا.
والحقيقة ليست كذلك، ففي الوقت الذي يجوز فيه استخدام (أي)، مضافة إلى المؤنث لأسباب بلاغية، كالاستغراق والتوسع في المعنى، كما جاء في الآية الكريمة، فإن الأصل استخدام (أية) الاستفهامية، إذا أضيفت للمؤنث، ولم تكن هناك حاجة بلاغية لاستخدام (أي)، ويجوز استخدام أي مع المذكر والمؤنث، ولكن يجوز استخدام (أية) أيضا مع المؤنث.
فقد روى البخاري ـ من شواهد استخدام (أية) الاستفهامية ـ: أنَّ أناسًا منَ اليهودِ قالوا: لو نزلتْ هذه الآيةُ فينا لاتخذْنا ذلكَ اليومَ عيدًا، فقال عمرُ: أيَّةُ آيةٍ؟ فقالوا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، فقال عمر: إني لأعلمُ أيَّ مكانٍ أُنزلتْ، أُنزلتْ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ واقفٌ بعرفة.
وورد الشاهد أيضا في قول الشاعر الأموي الكميت يمدح آل البيت:
بأي كتاب؟ أم بأية سنة؟ يُرى حبُهم عاراً علي ويُحسب
وقال المتنبي:
عيد بأية حال عدت يا عيد؟ بأمر مضى أم بأمر فيه تجديد؟
و(أي) هي أيضا اسم استفهام، يطلب بها تعيين شيء محدد، مثل ما ورد في قول الشاعر:
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَـمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه؟
و(أي) أيضا اسم موصول، بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع والعاقل وغيره، وبرغم أن الأسماء الموصولة مبنية، فهذا الاسم يعرب بالحركات.
بقي أن نبين أن (أي) التي وردت في الآية الكريمة، وسعت المعنى كثيرا لتجعله فوق التصور، فكان: في أي صورة من الطول، والعرض، والقبح، والجمال، والغرابة، والطرافة، وما يخطر بالبال، وما لا يخطر.