الأصل بالبعث (بمعنى الإرسال)، هو إرسال كائن يسير بذاته، ولا يحتاج إلى من يسيره، فإذا كان البعث جامدا لا يمكنه الحركة بنفسه، أو لا يسير بإرادته، فإنه يكون مبعوثا به، لأن الجامد لا ينبعث بنفسه.
جاء في المعجم الوسيط: بَعَثهُ بَعَثهُ بَعْثًا، وبِعْثَةً: أَرسله وحده، ويقال: بعثَه إليه وله: أَرْسَلَه، وبعث بالكتاب ونحوه، وجاء في الرائد: بعث بالشيء: أرسله مع الرسول.
فالمبعوث إذا كان إنسانا فإنه يبعث بذاته، ويجوز أن يقترن بالباء به للتأكيد، فنقول بعث رسوله وبعث برسوله.
قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعثَ بهِ إلى اليمنِ).
وإذا كان جمادا جرت العادة أنه يسير بنفسه كالمطر والعذاب والزلزال والبركان فإنه أيضا يكون مبعوثا بذاته، قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}.
أما إذا كان المبعوث جمادا لا يملك حيلة، ولا طاقة ذاتية للحركة، فإنه يكون مبعوثا به.
قال الله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ}.
وروى مسلم في صحيحه على لسان عبد الله بن عباس: (بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بستَّ عشرةَ بدنَةً مع رجلٍ وأمَّرَه فيها).
وروى مسلم أيضا عن رسول الله: (إني لم أَبعثْ بها إليك لتلبَسَها، ولكني بعثتُ بها إليك لتصيبَ بها).
وروى الطحاوي: (عن مسروقٍ قال قلتُ لعائشةَ: إنَّ رجالًا هاهنا يَبعثون بالهدي إلى البيتِ).
وأخيرا: وإن كنا نرى ذلك خطأ، فإنه ليس بالخطأ الفادح، ولعل بعض المتكلمين يجيزون نزع الخافض هاهنا، ولكن ذلك خلاف الأفصح والأولى.