هذا من الأخطاء المشهورة التي يقع بها الناس، ويتسبب الإصرار عليها والتمسك بها، في فهمنا فهما خاطئا لكتاب الله العزيز.
فكلمة استبدلته تعني جعلته بديلا، وغيرت به، ولا تعني غيرته، أو بدلته، والفعل استبدلت يقع على ما وقع عليه الاختيار، وليس على المتروك، وإنما يتصل حرف الباء بالمتروك، فأقول استبدلت إطاراتٍ جديدةً، بإطارات مركبتي القديمة.
وقد جاء في كتاب الله قوله في السؤال الاستنكاري لليهود: {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير}، أي كيف تختارون الذي هو أدنى، وتتركون الذي هو خير.
وقال الله تعالى متوعدا المؤمنين المقصرين: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}، أي يتخلى عنكم، ويجعل قوما غيركم بدلا منكم.
وتأتي بدل متعدية لمفعول به واحد بمعنى استبدل، قال الله تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ}، أي أن نجعل أمثالكم بدلا عنكم.
وتأتي بدل متعدية لمفعولين، وبدل الشيء غيره، أي غيره وأزاحه، ووضع غيره مكانه، قال تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.
وتأتي بدل بمعنى غيـَّر، قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}.
وجاء في الحديث: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ في رجلٍ كانَت تحتَهُ امرأةٌ قد طالت صُحبتُها ووَلدَت منهُ أولادًا فأرادَ أن يستبدِلَ بِها)، أي يتخذ زوجة بدلا منها.
جاء في المعجم: وبدل الشيء غيـَّره، بدل الشيء وبدله وبديله الخلف منه، والجمع أبدال قال سيبوبه: إن بدلك زيد أي إن بديلك زيد، ويقال للرجل: اذهب معك بفلان فيقول: معي رجل بدله أي رجل يغني، وتبديل الشيء تغييره، والمبادلة التبادل، والأصل في التبديل تغيير الشيء عن حاله، والأصل في الإبدال جعل شيء مكان شيء.