قل: أقدم أطيب التهاني والبركات.
ولا تقل: أقدم أطيب التهاني والتبريكات.
(البركات) جمع بركة، و(التبريكات) جمع تبريك، وشتان بين معنى الكلمتين اصطلاحا، ولو كانتا تشتركان في الجذور.
فجذر الكلمتين الأحرف: (الباء، والراء، والكاف)، ولكن برك تعني جلس في مكانه هبوطا، كما يجلس البعير، وهو من برك البعير، إذا أناخ في موضع فلزمه، وبرك البعير يبرك بروكا أي استناخ، وأبركته أنا فبرك، وبرك ألقى بركه بالأرض، وهو صدره، وبركت الإبل تبرك وبروكا، وتبريك البعير جعله يبرك.
وكل شيء ثبت وأقام فقد برك، وفي حديث علقمة: (لا تقربهم فإن على أبوابهم فتنا، كمـَبـَارك الإبل)، وهو الموضع الذي تبرك فيه، أراد أنها تـُعدي، كما أن الإبل الصحاح، إذا أنيخت في مبارك الجربى جربت.
وبالرغم من أن بعضهم صحح استخدام (التبريك)، بمعنى الدعاء، وطلب البركة، اعتمادا على أن التبريك، هو مصدر برَّك على الشيء، إذا دعا له بالبركة، فإنه لم يقر ما يجمعه النّاس على (تبريكات)، فقد رأى أن الأولى ألا يُجمع، لأنه مصدر، يفيد ما يفيد الجمع وزيادة.
ولم ترد كلمة (التبريكات) بمعنى البركات على لسان العرب، ولا في محكم التنزيل، ولا في الحديث الشريف، بينما عجت الآثار بالبركات.
قال الفراء في قوله تعالى: {رحمة الله وبركاته عليكم}، فالبركات السعادة.
وقال أبو منصور وكذلك قوله في التشهد: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نال السعادة المباركة الدائمة، وفي حديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: (وبارك على محمد وعلى آل محمد)، أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة.
وفي حديث أم سليم: (فحنكه وبرك عليه) أي دعا له بالبركة.
وقد استساغ العرب استخدام (البركات)، وليس (التبريكات، جمع التبريك)، بمعنى الازدهار والنماء والزيادة، للدعاء للإنسان، أو غيره بالبركة، ويقال برَّكت عليه تبريكا، أي قلت له بارك الله عليك، وبارك الله الشيء، وبارك فيه وعليه، وضع فيه البركة.