لا تقل: ينجح المجتهدون سيما المثابرون.
وقل: ينجح المجتهدون ولاسيما المثابرون.
لغة القرآن مبنية على البلاغة والفصاحة، والإيجاز والإضمار والتقدير، ولكن ذلك لا يعني جواز اختصار البناء وبتره، دون إدراك ما ينقص من المعنى.
فقد استخدم العرب (لا سيما)، لتفضيل ما بعدها، على ما قبلها، في الحكم السابق لهما، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: (جزى اللهُ الأنصارَ عنا خيرًا، ولاسيما عبدَ اللهِ بنَ عمرو بنَ حرامٍ، وسعدَ بنَ عبادةَ)، ومعنى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعو للأنصار عموما، ثم يخص هذين الصحابيين بالفضل.
أما تفصيل أداة (ولاسيما)، فهي تتألف من الواو، وهو حرف اعتراض، أو حرف استئناف، وعده بعضهم واو الحال، وبعضهم عدها زائدة، فأجاز حذفها، ثم (لا) النافية للجنس، التي تعمل عمل (إن)، فتنصب المبتدأ، وترفع الخبر، ثم يأتي اسم إن وهو (سِيَّ)، وهو اسم بمعنى (مثل)، ويكون منصوبا بالفتحة الظاهرة، لأنه مضاف لما بعده، وهو (ما) المتصلة بكلمة سي: (سيّما)، فهي إما زائدة، وإما اسم موصول بمعنى الذي، وإما نكرة مبهمة، ويكون خبر (لا) عندها محذوفا دائماً، وتقديره: (موجود).
واللحن الظاهر في حذف (لا) من (لاسيما) خطأ قديم، أنكره أبو بكر الزبيديّ (المتوفى سنة 379هـ) أي في القرن الرابع الهجريّ، والخطيبُ التبريزيُّ (المتوفى سنة 502هـ)، وابنُ هشامٍ اللخميّ (المتوفى سنة 577هـ)، وأبو حيّان الأندلسيّ (المتوفى سنة 745هـ).
وفي حذف (لا) من (لاسيّما) خطأ فادح، بحذف العامل، الذي نصب (سيّ)، سواء عددناها اسمًا للا النافية للجنس، مضافًا منصوبًا، أو عددناها اسمًا للا مفردًا مبنيًّا.
أما إعراب ما يأتي بعد لاسيما، فإذا كان ما بعدها نكرة، جاز أن يرفع: (على أنه خبر لمبتدأ محذوف)، أو ينصب: (على أنه تمييز للنكرة المبهمة ما)، أو يجر: (على أنه مضاف إليه).
أما إذا كان ما بعدها معرفة، جاز أن يرفع: (على أنه خبر لمبتدأ محذوف)، أو يجر: (على أنه مضاف إليه)، ويجوز نصبه على التخصيص.