القيادة بطمأنينة

Albaaj104 نوفمبر 2024آخر تحديث :

عندما اقتحم عليه طريق سيره دون انتباه، وربما بتهور قليلا، وربما بما يدفع إلى الاعتقاد أنه يقصد التحدي والإثارة، والعبث بأرواح الآخرين، انتابت صاحبنا حالة من الثورة والغضب، وهم باللحاق بالسائق المتهور، ومزاحمته الطريق، وربما دفعته ثورته لارتكاب حادث يثأر به لنفسه منه، تحت مسوغات نقنع بها أنفسنا، منها أننا نريد أن نوقفه عند حده، وربما لننصحه، ويا لها من نصيحة، ونحن نشتاط تميزا من الغيظ.

ولكن الموقف كله تبدل إلى ابتسامة منقوعة بالانكسار، عندما أدرك أن ذلك السائق المتهور ما هو ألا أخوه الأكبر، ولم يكلف نفسه حتى الاتصال به، والاستفسار عن سر هذا العجلة، التي كادت تودي به، بل أخذ يسوغ لمرافقيه أن أخاه ليس متهورا ولا طائشا، وإنما ـ مؤكدا ذلك ـ هناك ظرف أجبره على التسرع، وأن الواجب كان أن يلتمس له العذر من البداية.

وعندما اقترب آخر من مدرسة البراعم والزهرات، أخذ يتذمر من اضطراره إلى تخفيض سرعته إلى الحد الأدنى، محاولا الخروج من هذا المأزق بأسرع ما يمكن، وبأقل قدر من الضيق والتذمر والانزعاج، لائما السبب الذي جعله يعبر هذا الطريق وقت انصراف الطلبة، ويا لها من حالة لا يسمح القانون فيها بالسرعة التي ترضيه، فتؤخره عن أعماله.

ولكن حاله تتبدل فجأة حينما لمح ابنة شقيقه في الطريق، ويبدأ في نشر نظره يمنة ويسرة، خوفا من أن يكون أحد السائقين متهورا، ويتحول من عابر للطريق بسلام إلى حارس للأطفال بعيونه وبفؤاده وبكل جوارحه، مبتسما مسرورا برؤية الزهرات والبراعم، عادا الوقت الأطول الذي قضاه في عبور هذا الطريق، واجبا أخلاقيا لحماية الأطفال ومتعة لناظريه، داعيا أن يحفظ الله فلذات الأكباد من كل سوء، وأن يهدي السائقين للترفق بالسير قربهم.

سبحان مبدل الأحوال .. لو عشنا دائما الحالة الثانية التي عاشها السائقان ـ وذلك بأيدينا إن شئنا ـ فستتحول قيادتنا المركبة من هم وحذر وتوتر إلى متعة وسرور.

ولنسأل أنفسنا: لو كان كل قائدي المركبات حولنا إخواننا وأخواتنا، وكل من في الطريق من الأطفال أبناءنا وبناتنا، وكل النساء أخواتنا وأمهاتنا، فما المعاملة التي كانوا سيلقونها منا؟

مع هذا الشعور النبيل ستكون القيادة أكثر متعة وأمانا، فلنجرب والنتائج طيبة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.