لا تقل: وهبني هدية رائعة، ولا هب أني مجتهد.
وقل: وهب لي هدية رائعة، وهبني مجتهداً.
الوهب هو العطاء، والهبة هي العطية دون عوض، وفاعلها واهب، فإذا كثرت سُمي صاحبها وهابا، والله هو الوهاب لكثرة عطاياه.
والفرق بين فعل وهب، وفعل أعطى، أن الأول متعد إلى مفعول به واحد، والفعل أعطى متعد إلى مفعولين، فنقول: أعطى الوالد ابنه مالا، ولا نقول: وهب الوالد ابنه مالا، بل نقول: وهب الوالد لابنه مالا.
وما درج عليه الناس من استخدام الفعل وهب، مكان الفعل أعطى، مع إبقاء مفعوليه، مخالف للغة العرب، من قرآن وسنة، ومأثور وحكم العلماء.
وكأن العرب ميزوا في سليقتهم الوهب عن العطاء، من حيث التعدي إلى المفعول به، بأن لم يجعلوا الموهوب له مفعولا به ثانيا، بل ميزوه بلام الملكية، لتأكيد خصوصية الوهب، وتمييزه عن العطاء، وكأن الجار والمجرور متعلقان بالفاعل؛ والمفعول به متعلق بالفعل، فاقتضى ذلك ألا يكونا مفعولين.
جاء في معاجم اللغة: وهب لك الشيء يهبه وهبا ووهبا بالتحريك، وهبة والاسم الموهب والموهبة بكسر الهاء فيهما، وقال سيبويه: “لا يقال: (وهبكه)”.
وحكى السيرافي عن أبي عمرو أنه سمع أعرابيا يقول لآخر: (انطلق معي أهبك نبلا)، فلعله قصد بها العطاء، بمقابل الانطلاق معه، وليس الهبة بلا مقابل، وهو على كل حال قول شاذ، لا يعتد به، ووهبت له هبة وموهبة ووهبا إذا أعطيته، ووهب الله له الشيء فهو يهب هبة.
جاء في محكم التنزيل: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ}، و{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا}، و{قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}.
ونقول: هب زيدا منطلقا، بمعنى (احسب) يتعدى إلى مفعولين، ولا يستعمل منه ماض، ولا مستقبل في هذا المعنى.
قال ابن سيده: وهبني فعلت ذلك أي احسبني واعددني، ولا يقال: هب أني فعلت، ولا يقال: وهبتك فعلت ذلك، لأنها كلمة وضعت للأمر.
قال ابن همام السلولي:
فقلت أجرني أبا خالد /// وإلا فهبني امرأ هالكا