قليل دائم خير من كثير منقطع

برامج لا حملات

Albaaj1031 أكتوبر 2024آخر تحديث :

 لم نختلف مع سوانا، فيما يتعلق بالنهج التربوي الإصلاحي، في السلوكيات الطارئة الحديثة، لأننا نريد الاختلاف، أو لأننا على صواب مطلق، وغيرنا على خطأ مطلق.

ولم نقل: إننا مبدعون، أو مبتدعون، حين نأينا بأنفسنا عن مبدأ الحملات، في فنون التربية شتى، والتزمنا الإصرار، على البرامج الدائمة، رغم التعثر الظاهري لها، وسبق الحملات أحيانا، في بريقها الأخاذ، الذي سرعان ما يخبو.

حين دعونا إلى اعتماد مبدأ البرامج، في توعية طلبة المدارس، في الفنون شتى، بدلا من الحملات المباشرة، كان ذلك من إدراكنا لمعنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قليل دائم، خير من كثير منقطع)، لأن هذا القليل الدائم، كالزراعة طويلة الأمد، يحول المتلقي إلى مرسل، وموجه وناصح، ويحفز نفسه، لتكون مؤثرة فيمن حولها، غير مكتفية بتلقي الأمر والتوجيه، والنظر بعد ذلك في قوة تأثيره، ومدته.

فلو فرضنا أن إدارة إحدى المدارس الحكومية، قررت تنظيم حملة على الطلبة المتهورين، في قيادة الدراجات النارية، لمدة معينة، واستعانت بالجهات المختصة، لكانت النتيجة الأولية: استجابة شريحة من الطلبة لرسالة الحملة، وامتناع شريحة أخرى عن التجاوزات، خوفا من العقوبة، وانتقال شريحة أخرى إلى مواقع أخرى، لارتكاب المخالفات بعيدا عن الموقع، الذي أصبح في نظرها خطرا، ووقوع شريحة أخرى بقبضة الجهات المختصة، واستمرار الشريحة الأخيرة، في تهورها، دون الوقوع في يد المختصين.

ولكن الأمر لا ينتهي عند ذلك، وإنما (تعود حليمة إلى عادتها القديمة) ما أن تنتهي الحملة مهما كانت شدتها، فالمتجاوب يبرد تجاوبه، والخائف يزول خوفه، والهارب يعود لموقعه، والذي سلم تحت الضغط أولى، أن يسلم في الرخاء، ومن نالته العقوبة، لعله ينتقم لنفسه عند زوال الشدة.

أما البرامج التي ندعو إليها، في هذه الحالة، فتعتمد على اشتراك جميع المدارس، والمعنيين من أولياء الأمر، والخطباء والمفكرين، وكل من يستطيع أن يدلو بدلوه، وإلى أجل غير مسمى، في تحديد الداء وأسبابه، وابتكار وسائل العلاج الشامل، بجرعات لا تتوقف، من الردع، والنصح، والإرشاد، وتجفيف منابع الخطأ، ولو بتقنين بيع تلك الدراجات، وتحويطها بالضوابط، حتى لا يأمن العقوبة والتوبيخ من تهون له نفسه الأمر، في أي مكان أو زمان بعد ذلك، فيسيء الأدب.

لقد صدق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)، وهو ملهمنا لاستنباط مبدأ: (البرامج خير من الحملات) في تغيير النواحي السلوكية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.