من طرائف لغة العرب أن بعض كلماتها، يذهب المعنى فيها إلى منحى آخر، إذا انتقلت بين التذكير والتأنيث، فتلتبس على بعض الكتاب، فيظنونها كلمات مؤنثة يجوز تذكيرها، أو مذكرة يجوز تأنيثها، والحقيقة أنها ألفاظ ذات معنيين وحالتين، تتغير فيها حالة التذكير والتأنيث مع تغير المعنى.
الدرع
فالدرع لبوس الحديد تذكر وتؤنث والجمع في القليل أدرع وأدراع وفي الكثير دروع، ودرجت العرب على تأنيث الدرع التي يلبسها الرجل، وتذكير الدرع الذي تلبسه المرأة، وهو قميصها، وهو الثوب الصغير تلبسه الجارية الصغيرة في بيتها، وكلاهما مذكر وقد يؤنثان والأرجح أنهما مذكران.
وجاء في البخاري: (تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ودِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ).
وروى على لسان عائشة رضي الله عنها: (وقدْ كانَ لي منهنَّ دِرْعٌ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَما كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بالمَدِينَةِ إلَّا أرْسَلَتْ إلَيَّ تَسْتَعِيرُه).
وتصغير درع دريع بغير هاء على غير قياس لأن قياسه بالهاء، وهو أحد ما شذ من هذا الضرب.
البطن
أما البطن فهو من الإنسان وسائر الحيوان معروف خلاف الظهر، وهو مذكر بهذا المعنى، وجمع البطن أبطن وبطون، وهي ثلاثة أبطن إلى العشر وبطون كثيرة لما فوق العشر، وتصغير البطن بطين والبطنة امتلاء البطن من الطعام.
وتأتي كلمة البطن بمعنى العمق والوسط والأصل واشتق منها الباطن.
قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}.
أما البطن بمعنى القبيلة أو جزء منها فقد درجت العرب على تأنيثه.
الأذن
والأذن آلة السمع في الإنسان وغيره من الحيوانات، مؤنثة بإجماع اللغويين والعرب.
قال تعالى: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.
ولكنها تأتي بمعنى آخر، غير آلة السمع فيكون اللفظ فيها مذكرا، ويكون بمعنى الجاسوس أو المترصد أو المستمع.
قال الله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.