طالب بالضرورة
يظن بعض المتطفلين على لغة القرآن، أن إضافة كلمات جميلة رنانة، تعد سبقا بلاغيا، فات من قبلهم، وأنهم بذلك يسبغون على النص معنى إضافيا جميلا، دون إدراك أهمية وضع المبنى، في الموضع الذي يؤدي فيه المعنى.
فمما شاع عند كثير من (المثقفين)، إقحام كلمة (الضرورة)، بين الفعل (طالب)، والجار والمجرور المتعلقين به، فيصبح القول عندهم: (طالب التلاميذ بضرورة الاجتهاد)، فيفقد الكلام معناه، الذي كان المقصود منه هو: (طالب التلاميذ بالاجتهاد)، فكان إقحام الضرورة هنا، مبنى بلا معنى مطلوب، فالأصل أن المتكلم لا يطالب بالضرورة، بل يطالب بالاجتهاد، الذي يمكن وصفه بالضروري، أو المهم، وهو معنى يختلف عن معنى: (ضرورة الاجتهاد) أي: حاجة الاجتهاد، فالضرورة هي الحاجة القصوى، التي يقع الضرر الكبير دونها، فهل يطالبون بالضرورة؟! وهل يطلبون من الطلاب ضرورة الاجتهاد، بدلا من أن يبينوا ضرورة الاجتهاد.
كما ظن مثقفو القشور أن كل اختصار في الكلام والأحرف، يعد نوعا من البلاغة، سبقوا إليه من سبقهم، حتى لو أدى للإخلال بالمعنى، وحولوا الفعل المتعدي، إلى فعل لازم، والفعل اللازم إلى متعد، تحويلا على غير قواعد اللغة.
فمما شاع أيضا، إسقاط (الباء) من متعلق الفعل (طالب)، وهو فعل متعد لمفعول واحد، وجعله متعديا إلى مفعولين، فيصبح عندهم (طالب التلاميذ الاجتهاد)، بدلا من: (طالب التلاميذ بالاجتهاد).
فالطلب هو محاولة وجدان الشيء وأخذه، والطـَلبة ما كان لك عند آخر من حق، تطالبه به، والمطالبة أن تطالب إنسانا بحق لك عنده، ولا تزال تتقاضاه وتطالبه بذلك، والتطلب الطلب مرة بعد أخرى.
والفرق بين طلب الشيء، وطالب بالشيء، أن الأول تعني أنه أراد الشيء، فيكون الشيء مفعولا به للفعل طلب، أما طالب بالشيء، فهو من كثرة طلبه أصبح بسببه مطالـِبا لا طالبا، ويكون المفعول به هو من يـُطالـَب بالشيء.
وجاء في معاجم اللغة: طالبه بكذا مطالبة وطلابا، طلبه بحق، والاسم منه الطلب.