قل: أثر فيه. ولا تقل: أثر عليه

Albaaj1029 أكتوبر 2024آخر تحديث :

يحتج سطحيو الفهم في لغة العرب، بأن أحرف الجر تتناوب، ويجوز استخدام أي حرف مكان أي حرف آخر، وما فطن هؤلاء، إلى أن تناوب أحرف الجر، مرتبط بمعنى يستدعيه معنى الحرف النائب، عن الحرف المحذوف، وليست مسألة مفتوحة على مصراعيها.

فالتأثير في اللغة يقع في العمق لا على الشيء، ولا يصح أن يقترن التأثير، بحرف الجر (على) الدال على الاستعلاء، خاصة حينما يكون الحديث عن التأثير المعنوي.

وقد جاء في معاجم اللغة من معاني الأثر التي نستخدمها في كلامنا: (والتأثير إبقاء الأثر في الشيء وأثر في الشيء ترك فيه أثرا)، وقال الجوهري: (التأثير إبقاء الأثر في الشيء)، وقال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}، فأثر السجود كان في وجوههم وليس عليها، وروى مسلم في صحيحه وغيره، من حديث عمر لرسول الله: (يا نبيَّ اللَّهِ، ومالي لا أبْكي؟ وَهذا الحصيرُ قد أثَّرَ في جنبِكَ).

ولم يرد قط في كلام العرب (أثر عليه)، أو (التأثير عليه)، وقد جاء في نهج البلاغة: (وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره).

وقال أبو عبيدة في جمهرة أشعار العرب: (وأي حرة حصان تسمع قول بشار فلا يؤثر في قلبها)؟

واحتج بعضهم بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ اللَّهَ يُحبَّ أن يَرى أثرَ نعمتِه علَى عبدِه)، وفي رواية علي بن زيد بن جدعان زاد فيها: (في مَأْكَلِهِ ومَشْرَبِهِ)، والحقيقة أن حرف الجر (على) في هذا الحديث، متعلق بالفعل (يرى)، وليس بالاسم (أثر)، فيكون التقدير: إن الله يحب أن يرى على عبده، أثر نعمته، ولكنه قدم وآخر، لمتطلبات بلاغية، وقد يكون الأثر هنا بمعنى الدليل.

وقد يأتي الأثر بمعنى البقية وغيرها، فيصح عندها اقترانه بحرف الجر (على)، إذا تطلب المعنى ذلك، ومنه قول الله تعالى: {فقبضت قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي}.

ومنه ما أورده البخاري: (أن رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانةِ، وعليه جُبَّةً، وعليه أثرُ الخلُوقِ، أو قال: صُفْرةٍ)، فالأثر هنا هو البقية من الطيب، وما يدل على الطيب، وليس ما أحدثه الطيب فيه.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.