لا تقل: حادث دهس. ولكن قل: حادث دعس، أو دوس.

Albaaj1028 أكتوبر 2024آخر تحديث :

حادث الدهس أم الدعس

هناك مصطلحات وعبارات، يستخدمها أصحاب الاختصاصات، يتميز بها كل اختصاص عما سواه، منها ما هو مشتق من قواعد اللغة وألفاظها، اشتقاقا سليما، ومنها ما يتعارض مع علوم اللغة، وأصولها ومعانيها.

ومن تلك المصطلحات مصلح حوادث الدهس، الذي أطلقه بعض المتخصصين في قضايا السلامة، وذهب بعدهم مثلا، ولا يعلم المرددون له، أن الدهس لا يحمل إطلاقا معنى صدم المركبة، أو دعسها، أو دوسها لأحد المشاة، أو الأحياء.

فالدَّهْسُ – كما جاء في معاجم اللغة – بالفَتْحِ هو النَّبْتُ الذي لم يَغْلِبْ عليه لَوْنُ الخُضْرَةِ، وهو المَكَانُ السَّهْلُ اللَّيِّنُ، ليس بِرَمْلٍ ولا تُرَابٍ ولا طِينٍ، وتَغِيبُ فيه القَوَائمُ، وهو الأَرْضُ التي يَثْقُلُ فيها المَشْيُ، أو التي لا يَغْلِبُ عليها لَوْنُ الأَرْضِ، ولا لَوْنُ النَّبَاتِ، وأَدْهَسُوا أي سَلَكُوه، وسارُوا فيه، كما يُقَال: أوحلوا أي ساروا في الوحل، ورِمالٌ دُهْسٌ أي سَهْلَةٌ لَيِّنةٌ، والدال والهاء والسين، تدل على اللين في المكان، وفي الحديث: (نزلوا دَهَاسًا من الأرضِ)، أي أرضا لينة.

وفعل الدهس لازم، وقد جاء في المعجم الوسيط: (دَهِسَ المكانُ وأدهس دَهَساً، أي كثر فيه الدَّهَاسُ)، و(أَدْهَسَ أي سار في الدَّهْسِ)، و(أدهس المكانُ أي كَثُرَ فيه النبتُ والأَرضُ والعنزُ وغيرها)، و(صار أَدْهَسَ اللَّوْن).

وكان من الأولى استخدام مصطلح الدعس والدوس، للدلالة على صدم المركبة للأحياء، خلافا للدهس، التي تحتاج إلى تأويل كثير، فقد ورد في كتب اللغة: دعسه يدعسه دعسا، فهو داعس، والمفعول به مدعوس، وداسه دوسا شديدا، أي وطئه بقدميه وطئًا شديدا.

واحتج بعضهم لاستخدام الدهس برجز للعجاج يقول فيه:

سنابِكُ الخيلِ يصدِّعنَ الأَيَرْ    ///    من الصَّفا العاسي، ويدهَسْنَ الغَدَرْ

وفاته – غفر الله لنا وله – أن معنى (يدهَسْن الغدَرْ)، أي إذا مررنَ بموضعٍ صُلبٍ مرتفعٍ، تركنَه دَهَاسًا، فاللفظ: (الدهس)، مرتبط بصفة الأرض وحالها، لا بفعل الفاعل.

ولعل الحالة الوحيدة، التي يكون فيها لمصطلح (حوادث الدهس) معنى، أن تكون الحوادثَ الناتجةَ عن الأرض اللينة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.