البطولة في نسختها أم في دورتها؟
درج الكتاب والصحفيون والإعلاميون، على إطلاق لفظة: (نسخة)، على الرقم الجديد، من الدورات والمسابقات وغيرها، فيقولون: انطلاق النسخة الخامسة من البطولة، والنسخة السادسة من المسابقة، وغير ذلك، مما كان يجب عليهم أن يطلقوا عليه لفظ: المرة، أو الدورة، أو الموسم، أو الحلقة، وأقربها كلمة الدورة، لشيوعها بين الناس، وهي صحيحة، ولإصابتها المعنى المراد.
ومرجع ذلك أن معنى النسخ، عند العرب، يختلف عن معنى التكرار والإعادة.
ونسخ الشيء ينسخه نسخا وانتسخه واستنسخه اكتتبه، والنسخ اكتتابك كتابا عن كتاب، حرفا بحرف، والأصل نسخة، والمكتوب عنه نسخة، لأنه قام مقامه، والكاتب ناسخ ومنتسخ، والاستنساخ كتبُ كتاب من كتاب.
قال الله تعالى: {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}، أي نستنسخ ما تكتب الحفظة، فيثبت عند الله، أي نأمر بنسخه وإثباته.
ومن معاني النسخ السابقة بمعنى التكرار، يتبين أن النسخ يتطلب المطابقة بين الناسخ والمنسوخ، في حال تكراره، أو تثبيته، ولا تكفي المشابهة في أوجه معينة، لكي يستحق اسم النسخ.
ومن أمثلة ذلك: عندما يصدر العدد 114 من مجلة المسار، فإن كل مجلة من المسار، تحمل الرقم 114، هي نسخة من العدد 114، حتى لو طبعت في وقت ومكان آخرين، ولا يمكننا أن نطلق لفظ نسخة، على عدد آخر من المسار، يحمل رقما آخر فنقول: هذه النسخة الـ 115 من المسار، لأن ذلك يعني أن النسخة الـ 114 التي سبقتها، تشبهها وتتطابق معها، وهذا غير صحيح، لأن الأعداد من الأول حتى الأخير، تختلف عن بعضها.
فالصحيح إذن أن نطلق على المتكرر، غير المتطابق، اسم الطبعة، أو الدورة، أو الموسم، أو الحلقة، أو غير ذلك، مما يتناسب مع المعنى المراد الوصول إليه.
وللنسخ معانٍ أخرى أيضا، منها إبطال الشيء، وإقامة آخر مقامه، وفي التنزيل: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}.