عصمة رسول الله عن الذنوب والأخطاء
من دلائل العصمة
لا يتقول رسول الله شيئا..
بين الله تعالى أن رسوله محمدا، صلى الله عليه وآله وسلم، لم يخالف أوامره قيد أنملة، لأنه لو فعل ذلك لما تركه، بل لأنزل فيه عقابا صارما: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين}.
سنته كلها دين نعبد الله به..
حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تختلف عن حياة غيره من الأنبياء والبشر، ولا يمكن الفصل بين حياته الخاصة، وحياة النبوة، فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هي كل أقواله، وأفعاله، وتقريراته، وتوجيهاته، وأوامره، ونواهيه، في أمور الدين والدنيا، ولا يمكن أن يكون ذلك دينا، إذا لم يكن صاحب السنة معصوما عن الزلل.
عصمة قضاء رسول الله..
بشرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، التي أقرها، حال الاستماع إلى الخصمين، كانت لزجر المتخاصمين، وليس دليلا على خطئ قضائه، الذي بين الله صوابه بقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}.
يعلمه الحكيم الخبير..
عندما يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يحكم بأمر، بوصفه بشرا لا يعلم الغيب، ويعلم الله من أمر الغيب، ما لا يعلمه رسوله، فإن الله سرعان ما يعلمه، حتى لا يقع في الخطأ، كما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا}، حين التبس عليه أمر السارق، لأنه من علم الغيب.
لا تستقيم بشرى المغفرة والذنب..
قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}، فما تقدم، قد يكون أي خطأ دنيوي، ارتكبه قبل النبوة، مخالفا لما يريده الله (بالعقل)، وما تأخر فيه نوع من التطمين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وراحة بال له، بأنه لن تكون عليه أية سيئات، ولا يستقيم أن يكون بشرى له بأنه سوف يذنب، فتزول حلاوة بشرى المغفرة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يمتنع عن الذنب، حبا لله، أكثر من خوفه من العذاب.
ما آتاكم الرسول فخذوه..
قول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} يثبت بشكل مطلق عصمة أوامره ونواهيه، صلى الله عليه وآله وسلم، وعصمة ما يصدر عنه من الخطأ، لأنه كان يأمر الناس، في أمر الدين والدنيا معا.
مثل الذي حرم الله..
قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا وإن ما حرم رسول الله مثل الذي حرم الله)، لا يتوافق إطلاقا، مع احتمال أن يكون بعض أحكامه خطأ، ومخالفا للصواب.
أوتيت القرآن ومثله معه..
قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، يدل على أن ما يصدر عنه، هو الناموس الثاني، الذي آتاه الله إياه مع القرآن، ولا يستقيم أن يكون مشوبا بالأخطاء.
عصمة ما يخرج من فم رسول الله..
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ، وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا؟ فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: (اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ)، وهذا عام في كل ما يصدر عنه، صلى الله عليه وآله وسلم، ويتنافى الحق مع الخطأ.
وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ..
تفضل الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، بعصمة إضافية خاصة، فعصمه من البشر وضررهم: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.
عصمة زوجاته من الأزواج بعده..
إكراما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، حرم الله زوجاته على البشر من بعده: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا}.
زوجاته أمهات المؤمنين..
إكراما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، عصم زوجاته من البشر من بعده، وجعلهن أمهات لكل مؤمن، إلى يوم القيامة: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.
عصمة ما جاء به رسول الله..
قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)، لا يستقيم مع احتمال خطئه، لأنه لا يمكن ربط الإيمان، باتباع رجل يصيب ويخطئ، ولم يفرق النص بين أمور الدين والدنيا، فقد جاءنا رسول الله بكل شيء.
عصمته من الذنوب كلها..
عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جميع الذنوب، يؤكدها العقل والمنطق، وقول الله تعالى: {أتَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ أنفُسَكُم وَأنتُم تَتلُونَ الكِتَابَ أفَلاَ تَعقِلُونَ}، فلا يستقيم أن يكون المبلغ عن ربه، الذي أمر أن يتخذه الناس قدوة، صاحب ذنوب يقلده الناس بها، ولا يعقل أن يبلغ رسول الله عن ربه، أمورا لم يتمكن هو من أن يكون القدوة فيها.
العصمة من أصل الشرور..
عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من الشيطان، أثبتتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حين سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يَا رَسُولَ اللّهِ أَوَ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَلٰكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّىٰ أَسْلَمَ).
- عصمة رسول الله..
حديث الشفاعة يوم القيامة..
لو كانت عند رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطيئة، لاستحى من القيام للشفاعة، يوم القيامة ـ كما فعل أولو العزم من الرسل قبله ـ حين اعتذروا عن الشفاعة، حياء من الله، بعد تذكر خطأ ارتكبه بعضهم.
- عصمة رسول الله..
وما ينطق عن الهوى..
القول: (إن الرسل معصومون حال مرافقة الوحي لهم فقط)، مردود عند الحديث عن رسول الله محمد، لأن الله أثبت له الصفة دائما، ونفى عنه صفة النطق عن الهوى إطلاقا، فهو معصوم اللسان أبدا: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}.