ورد في الكتب السماوية السابقة، أن نبي آخر الزمان أمي، لا يقرأ ولا يكتب.
ولإبعاد هذه الصفة عن رسول الله، ذهب (شياطين الإنس) يروجون إلى أن رسول الله بعكس ذلك، زاعمين أنهم يحبونه ويغارون عليه.
فما حقيقة الأمر؟
أدلة أمية رسول الله – وهذا شرف له ورفع لشأنه – كثيرة لا تحصى منها:
قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، فلم يكن رسول الله عالماً قبل البعثة.
وقوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}.
وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب).
وقال الله تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون}.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الأخيرة: أي قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمراً لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة، بل كان قومك وغيرهم يعرفون أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب وهكذا صفته في الكتب المتقدمة.
قال الله تعالى: {هوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
قال القرطبي: الأميون الذين لا يكتبون، وكذلك كانت قريش.
وقد وصف حاله وحال قومه بالأميين حين قال: (إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وهَكَذَا. يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وعِشْرِينَ، ومَرَّةً ثَلَاثِينَ).
أما الفضل في أن الله بعث نبيا أميا فهو:
1. لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء.
2. لمشاكلة حاله لأحوال المبعوث إليهم فيكون أقرب إلى موافقتهم.
3. لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعا إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها.