لا تقل: يعتبر نجاح الفريق نجاحا لكل أفراده.
وقل: يعد نجاح الفريق نجاحا لكل أفراده.
بعض معاجم اللغة الحديثة، تخدع قراءها، حين تعرض معنى اللفظ، بناء على ما اعتاده الناس، غير منكرة اعتماد المشهور، ولو كان خطأ.
ومنه قولهم: (الفعل “اعْتَبَرَ” الناصب مفعولين، بديله الفعل “عَدَّ”)، فساووا بين الفعلين في المعنى، مع تجاهل أن ذلك استخدام غير صحيح، حتى لو بدأ ظهوره في أزمان متقدمة، عندما دخل اللحن على لغة العرب.
والحقيقةُ أنّ (اعْتبرَ) فعلٌ على وزنِ افْتعَلَ، وفيه مَعْنى الاتّخاذِ، أي اتّخذَ العبرَةَ واتَّعظَ، نحو قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي
الألبابِ} أي اتّعظوا، فهو فعل لازمٌ.
ويدلُّ (اعتبَرَ) كذلك، على مَعْنى تعبير الأحلامِ، كما يأتي بمعنى: اعتدَ، مثل: اعتبر الطالب بقول معلمه، إذا اعتدّ به، وبمعنى: تعجّب، مثل: اعتبرت بما رأيته من صنع المهندس، إذا تعجبت منه.
كما يأتي الفعل (اعتبر) متعديا، إلى مفعول واحد فقط، ولا يتعدى إلى مفعولين، فيكون عندها بمعنى الاختبار والامتحان، وقد نص عليه معجم المصباح، واستعمله كثيرٌ من علماء العربية في كلامهم، ويكون بمعنى: التقدير والتتبع، كقولك: اعتبر التاجر بضاعته، إذا قدّرها بالقيمة.
أمّا اللّفظُ المناسبُ للاستعمالِ الرّاهنِ فهو: عدَّ وحسبَ وظنَّ، وأقواها: عَدَّ، كما جاء في قول الله تعالى: {ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار}، وعددتُ العلمَ طريق النجاح.
فالفعل عَدَّ فِعْلٌ مَاضٍ يَتَعدَّى إلى مَفْعولَين، وهو مَنْ أفْعَالِ القُلوبِ، ويأتي عَدَّ بمعنى حَسَبَ وأَحْصى نحو: (عدَدْت المالَ)، كما يأتيُ بمعنى (ظنَّ).
وقد احتج من أجاز استخدام (اعتبر) مكان (عد) بما جرى على لسان صفي الدين الحلي بقوله:
اقرَأ كِتابَكَ وَاعْتَبِرْهُ قَريباً فَكَفى بِنَفسِكَ لي عَليكَ حَسيبا
وغفلوا عن أن الحلي، ليس حجة في اللغة، فقد لحن كثيرون في زمانه، وقبل زمانه.
وحتى لو صح استخدام (اعتبر)، مكان (عد)، مع التأويل، كما زعم بعضهم، فاستخدام اللفظِ، الذي لا يحتملُ أكثرَ من معنى، أولى من استخدام اللفظ المحتمل أكثر من المعنى.