قل: مبارك عليكم.
ولا تقل: مبروك عليكم.
علم الصرف أحد علوم اللغة الأساسية الأصيلة، وهو لا يقل أهمية عن علم النحو، وهما يجتمعان معا في علم الإعراب، وهو الإفصاح والإفهام والتبيين، ولا بد لطالب العلم الشرعي، أو اللغوي، أن يلم منهما بحظ كبير.
والمبارك والمبروك، لفظان تناوب الناس على استخدامهما، بمعنى المبارك، وفي ذلك جور كبير على اللغة، التي تدل تصريفات الأسماء والأفعال فيها، على معان دقيقة محددة، لو وضعت في غير موضعها، لأفسدت المعنى.
فالمبارك من البركة، والفعل بارك فعل متعد إلى مفعول به، والاسم مبارك اسم مفعول، من الفعل بارك، فيكون المعنى: بارك الله فوزك، فالله هو المبارِك: (بكسرة تحت الراء)، واللفظ اسم فاعل، والفوز هو المبارَك: (بفتحة فوق الراء)، واللفظ اسم مفعول، أي الذي منحه الله البركة.
أما المبروك فهو اسم مفعول من الفعل برك: (بَرَكَ الجَمَلُ: ثَنَى رِجْلَيْهِ وَأَلْصَقَ صَدْرَهُ وَمِنْطَقَةَ بَطْنِهِ بِالأرْضِ)، والمبروك من البروك، فالجمل بارِك (بكسرة تحت الراء): (اسم فاعل)، والأرض: مبروك عليها: اسم مفعول.
والفعل برك فعل لازم غير متعد إلى مفعول به، ولا تصح لفظة مبروك وحدها، لتكون اسم مفعول به، فلا بد لها من تعليق بالجار والجرور، فنقول: (هذه الأرض مبروك عليها، وهذا البساط مبروك عليه)، ولا نقول: (هذه الأرض مبروكة، أو هذا البساط مبروك).
جاء في محكم التنزيل: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، و{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}، و{وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}.
وجاء في السنة المطهرة: (هَلُمَّ إلى الغَداءِ المُباركِ).
وروي عن جابِر بن عبد الله رضي الله عنه: (إذا دَخَلْتَ على أهْلِكَ فسَلِّمْ عليهِم تحيَّةً مِن عِندِ اللهِ مُبارَكةً طَيِّبةً).
والطريف أننا حين نهنئ شخصا بلفظنا: (مبروك عليك)، يكون المعنى: (برك عليك البعير)، ولا اعتداد بما تعارف عليه الناس، أو ألفوه من الأخطاء الشائعة، إذا كان يلغي من اللغة معنى صحيحا، لصالح معنى غير صحيح.