لا تقل: ربطت الخاروف بالعامود.
وقل: ربطت الخروف بالعمود.
تتأثر اللهجات العامية كثيرا بالعوامل الطبيعية، والبيئة التي يعيش فيها المتحدث، فيفرض الجبل سمات معينة، وتفرض الصحراء غيرها، وللسهل سمات، وللبحر سمات.
ومما تأثرت به بعض اللهجات العامية، المد في بعض الكلمات والحروف، بزيادة حرف مد لفظا، حتى يظل الصوت متصلا، لفترة أطول، حتى يصل اللفظ إلى المستمع تاما واضحا.
وبسبب الجهل – الذي رافق انتشار العامية وسيادتها – بلغة القرآن تحولت الألفاظ الشفوية، إلى كلمات مكتوبة، كما لفظت في بيئتها التي تحورت فيها.
ومن أشهر الألفاظ التي أصابتها تلك العلة كلمتا: (الخروف والعمود)، حيث كتبهما العوام كما نودي بهما في بعض البيئات: (خاروف وعامود).
فالعمود ما يُحمل الثقل عليه، من فوق، كالسقف يعمد بالأساطين المنصوبة، وعمد الشيء يعمده عمدا أقامه، وعمدت الشيء فانعمد، أي أقمته بعماد يعتمد عليه، والعماد الأبنية الرفيعة، يذكر ويؤنث، والواحدة عمادة.
ويجمع العمود على عمد وأعمدة ولا يجمع على عواميد: {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى….}.
ومما جاء في الحديث: (بينا أنا نائمٌ رأيتُ عمودَ الكتابِ احتُملَ من رأسي فظنَنتُ أنَّهُ مذهوبٌ بِه فأتبعتُه بصري فعُمِدَ بِه إلى الشَّامِ ألا وإنَّ الإيمانَ حينَ تقعُ الفتَنُ بالشَّامِ).
ولا يصح الاحتجاج بتسمية (باب العامود) في القدس الشريفة، لاستخدام كلمة (عامود) بدل (عمود) خلافا لأصول اللغة، لأنه اسم علم، جاءنا هكذا، حتى لو كان سبب التسمية، وجود عمود عنده.
أما الخَرَفُ بالتحريك، فهو فساد العقل من الكبر، وقد خَرِف الرجل بالكسر، يخرف خرفا فهو خَرِف.
والخَرْف كذلك هو جني الثمار، ومنه سمي الخروف خروفا، على وزن فعول، لخرفه الكلأ من ههنا وههنا أي يرتع.
فالخروف ولد الحمل، وقيل هو دون الجذع من الضأن خاصة، والجمع أخرفة وخرفان، والأنثى خروفة.
وفي حديث المسيح: (إنما أبعثكم كالكباش، تلتقطون خرفان بني إسرائيل)، أراد بالكباش: العلماء الكبار وبالخرفان: الصغار الجهال.