منذ أكثر من عقدين من الزمن تعرفت إلى صديقي الخبير أبي سيف، الذي تمكن في فترة وجيزة بحكمته وبراعته، من تطوير مهاراتي الإعلامية، فأضاف مهارة التوعية المروية، إلى كوني إعلاميا متخصصا بالشأن المحلي، خاصة الشبابي والأمني والتنموي والثقافي.
منذ ذلك الوقت أصبحت أفكر بطريقة متحفزة، تجاه قضايا السلامة والتوعية المرورية، وأخذت أرصد كل حركة في الطريق، بل حتى كل مشاعر تختلج في نفس صاحبها، وأجد لها رابطا بتحقيق السلامة لجميع شركاء الطريق.
ومنذ أكثر من خمس سنوات، كنت حريصا على إيقاف مركبتي بطريقة عكسية ـ بالرجوع إلى الخلف ـ وأدعو الآخرين لفعل ذلك، وأعلل ذلك بعلل كثيرة، منها أنني حين أحضر إلى موقع إيقاف المركبة، أكون في أعلى درجات الوعي والإدراك لكل ما حولي، وأشاهد كل أطراف الموقف، وما حوله، وأرصد الموقع كاملا قبل أن أبدأ بدفع المركبة إلى الخلف لتستقر هناك، وعندما أهم بالذهاب لا أضطر للنظر كثيرا خلفي، وعن يميني وشمالي، وإنما أركب ـ وأتوكل على الله ـ وأنطلق آمنا.
أما الوقوف بإدخال المركبة بمقدمتها، فهو آمن وقت الإيقاف، ولكنه أقل أمنا عند التحرك، لأنني أحضر إلى السيارة من بعيد، غافلا عما استقر خلفها، وعن حالة الطريق عامة في ذلك الوقت، وعمن ـ ربما ـ استند إليها من الأطفال ممن لا أراهم.
وعندما اصطحبني صديقي أبو سعيد إلى كهف الهوتة، بمنطقة الحمراء بسلطنة عمان الشقيقة، في زيارة من زيارات العمر ـ لمحبي الرحلات، والتمتع بجو مثالي نقي تصل درجة حرارته لما دون الصفر، وقوم ورثوا إكرام الضيف كابرا عن كابر، وبيئة يتودد التراث والحضارة إليها ـ قرت عيني حين رأيت أكثر السائقين، وقد أوقفوا مركباتهم بطريقة عكسية دون استثناء، فأخبرني صاحبي بأن ذلك بتوصية من الشرطة العمانية، وزادني علما بأن هذا الوقوف أكثر أمانا على المستوى العام، ولحالات الطوارئ والسيول والفيضانات والحرائق.
وقال لي: عندما يحدث أمر طارئ، يستدعي مغادرة الجميع بسرعة قصوى بمركباتهم، فإن الوقوف العكسي يجعل حركة السير يسيرة ومتدفقة، ولا تتوقف مركبة إلا بمقدار ما تنطلق المركبة التي أمامها.
أما الوقوف بإدخال مقدمة المركبة من مقدمتها، فإنه يوقف طابور المركبات جميعها في كل مرة يعود فيها سائق إلى الخلف، ليتمكن من وضع مركبته على خط سيرها، وهي مدة كفيلة بفوات الفوت.