قل: النيات الحسنة تنفع صاحبها.
ولا تقل: النوايا الحسنة تنفع صاحبها.
النية جمعها نيات، والدية جمعها ديات، والحسرة حسرات، والضربة ضربات، والنكبة نكبات.
هذا ما استقر عليه كلام العرب، من قياس وسماع، معززا بالمأثور من القرآن والسنة، وهو الفصيح الصحيح، وأجل ما ورد فيها قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
أما كلمة النوايا فهو جمع نواي: (نواء)، وهي الناقة السمينة.
جاء في لسان العرب: نوت الناقة تنوي نيا ونواية ونواية، فهي ناوية، من نوق نواء: سمنت، وكذلك الجمل والرجل والمرأة والفرس، قال أبو النجم:
أو كالمكسر لا تؤوب جياده //// إلا غوانم، وهي غير نواء
وقد أنواها السمن، والاسم من ذلك الني.
ولم يزعم من أجاز جمع نية على نوايا الفصاحة وإنما اكتفى بالإجازة، وهي إجازة مشوبة بشك.
فقد زعموا صحة استعمال نوايا جمعا لنوية، التي هي بمعنى نية، لأن (النيات) جمع قلة للنية، (والنوايا) جمع كثرة لنويَّة، واستشهدوا بأن ذلك شائع في لغة العصر، حتى أنه لا يذكر لها في هذه اللغة جمع سواه، (متجاهين أن حديث رسول الله أجل من أن يخفى)، وأن جمع التكسير يشيع فيه السماع، (والحقيقة أنه ليس في المعاجم نوية ولا جمعها، وليس لها شاهد، وإذا سقط الدليل سقط ما يستدل عليه)، وأنه قد يشيع بين الناس الخطأ، لكثرة قائليه، (وذلك لا يجعله صوابا).
وقال الزاعمون: تُجْمع كلمة «نيّة» على «نيات»، ولكن أجازت بعض المجامع اللغوية جمعها على «نوايا» حَمْلاً لها على «طوايا» في جمع «طويّة» التي ترتبط بكلمة «نيّة» في الدلالة، وحملاً أيضًا على نظائر أخرى كثيرة جُمعت فيها «فِعْلة» على «فعائل».
ولكن فاتهم أنه لم يرد عن العرب أنّ النويّة تكون بمعنى النيّة، وإنما ورد النويّ بمعنى الذي يشاركك في النية.
وإذا لم يثبت سماع النويّة بمعنى النية، لم يصح استعمال النوايا، وإنّما الصحيحُ أن جمع النية نيّات، وقد استُغني بهذا الجمع عن جمع الكثرة.