قل: نعت العشيرة فقيدها
ولا تقل: نعت العشيرة وفاة فقيدها
ظنا منهم أن الفعل (نعى) يعني: (أعلن)، يضيف بعض الكتاب لفظة (وفاة)، إلى لفظة (نعى) فيقولون: (نعى الأبناء وفاة والدهم)، وكأنهم يقولون: (أعلن الأبناء وفاة والدهم).
وقد جاء في معاجم اللغة: (نعَى يَنعَى، انْعَ، نَعْيًا ونَعِيًّا، فهو ناعٍ، والمفعول مَنعيّ، ونَعَى إِلَيْهِ فُلاَنًا: أَخْبَرَهُ بِوَفَاةِ فُلاَنٍ، ونَعَى لَهُ فُلاَنًا: أَخْبَرَهُ بِوَفَاةِ فُلاَنٍ، ونَعَى الرَّجُلَ: أَذَاعَ خَبَرَ مَوْتِهِ).
ولا يقول العرب: (نعى الرجل وفاة الرجل)، لأن فيها امتهانا لمعنى الكلام وجهلا به.
كما جاء في المعاجم: يَنْعَى على فلان كذا: يعيبه عليه ويُشَهِّر به، وفلانٌ يَنْعَى على نفسه بالفواحِش: يشْهَرُ نفسَهُ بتعاطيها، ونعا السِّنَّوْرُ: أصدر صوتًا.
فالنعي هو خبر الموت، قال ابن سيده: والنعي نداء الداعي، وقيل هو الدعاء بموت الميت، والإشعار به: نعاه ينعاه نعيا ونـُعيانا بالضم وجاء نـُعي فلان وهو خبر موته.
وكانت العرب إذا قتل منهم شريف أو مات بعثوا راكبا إلى قبائلهم ينعاه إليهم فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
قال الأزهري: (ويكون النعيان جمع الناعي، كما يقال لجمع الراعي رعيان، ولجمع الباغي بغيان، وقد يجمع النعي على نعايا).
فالمنعى والمنعاة خبر الموت، يقال: ما كان منعى فلان منعاة واحدة، ولكنه كان مناعيَ.
ونعى عليه الشيء ينعاه: قبحه وعابه عليه ووبخه، ونعى عليه ذنوبه: ذكرها له وشهره بها.
وفي حديث عمر رضي الله عنه: (إن الله تعالى نعى على قوم شهواتهم أي عاب عليهم).
وجاء في الحديث النبوي: (امكثي في بيتِك الذي جاء فيه نعيُ زوجِكِ حتى يبلغَ الكتابُ أجلَه). ولم يقل: (نعيُ وفاة زوجك).
وروى البخاري عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: نَعَى لنا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّجاشِيَّ صاحِبَ الحَبَشَةِ، [اليَومَ] الذي ماتَ فِيهِ، فقالَ: (اسْتَغْفِرُوا لأخِيكُمْ).
وروى أيضا عن أنس بن مالك أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، نَعَى زَيْدًا، وجَعْفَرًا، وابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ.