هل (آل محمد) كل أمة محمد، وليس (أهل البيت) فقط؟
شاع عند بعض المثقفين والفقهاء، أن كلمة: (الآل) لا تعني الأهل إطلاقا، وأن: (آل بيت النبي)، لا تعني: (أهل بيت النبي)، أو (أهل البيت)، وأن: (آل محمد) في: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) لا تعني (أهل البيت) وإنما تعني أمته كلها.
وهذا فهم خاطئ للغة، ولنصوص الشرع، وربما يقترب من (النصب).
فإذا كانت (آل محمد) تعني أمته، وليس أهل بيته فقط، فلماذا أضافوا للصلاة عليه كلمة (صحبه) – التي لم ترد في النص الشرعي – بعد آله، فقالوا: (اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه)، ولم يكتفوا بما علمهم: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)؟!، أليس أصحابه من أمته؟!
وما الخصوصية التي بقيت لرسول الله، وأهل بيته، إذا كانت الصلاة عليه عامة للناس أجمعين، ممن آمنوا به حتى يوم القيامة؟!
وليس هناك أية قرينة في القرآن والسنة، تدل على أن آل محمد صلى الله عليه وسلم (التي وردت في الصلاة عليه)، تعني أمة محمد عامة، وليس أهله خاصة.
بل كلما وردت كلمة (آل) في القرآن مقترنة بالأنبياء، كانت تدل على الأهل الأقربين، ومنها قول الله تعالى: {فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا}، و{وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ}، و{إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ}، و{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، و{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}، و{وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ}.
ومما ورد في الآثار مما يدل على أن آل النبي تعني أهل البيت:
ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها: (ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، حتَّى لَحِقَ باللَّهِ).
وليس هناك لغوي أو فقيه، زعم أن آل بيت الرسول، في الحديث الذي رواه مسلم، هم أمة محمد: (إنَّ هذِه الصَّدَقاتِ إنَّما هي أوْساخُ النَّاسِ، وإنَّها لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، ولا لِآلِ مُحَمَّدٍ).
أما من اختصر معنى الآل بالأتباع استنادا إلى قول الله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}، فقد تكلف في اختصار دلالات معنى (الآل) في المعنى الذي اقترن بفرعون فقط، متجاهلا ما جاء في حق الأنبياء.
وقد غفل زاعمو ذلك، عن أن لفظتي الآل والأهل تشتركان في معان كثيرة، بل تقتربان من الترادف، فهما من الكلمات التي إذا اجتمعت افترقت، وإذا افترقت اجتمعت، مثل الفقراء والمساكين.
فقد اختلف العلماء حول أصل كلمة (آل) بين أن يكون أصلها أول، وأن يكون أصلها أهل، فتكون الآل مقلوبة من الأهل، وبين: (آل يؤول إليه، إذا رجع إليه)، وآل الرجل هم أهل بيته وقرابته.
والأهل والآل لهما استخدامات مشتركة مثل: (آل بيت رسول الله، وأهل بيت رسول الله، وآل البيت، وأهل البيت)، ولهما استخدامات مختلفة، خاصة بكل منهما نبين بعضها هنا:
فآل تستخدم للرجل ذي الشأن العظيم، ولا تستخدم للرجل ذي الشأن البسيط، فيقولون: آل الرجل العظيم، ولا يقال آل الرجل المغمور، بينما تُستخدم كلمة: (أهل) لهما جميعا.
وأهل تستخدم للصنعة والمهنة، والآل لا تستخدم للصنعة، فيقولون أهل النجارة، ولا يقال: آل النجارة.
والأهل تستخدم للديانة مثل أهل الكتاب ولا يقولون: آل الكتاب.
وأهل تستخدم للنسبة للمكان، فيقال أهل الدار، ولا يقال آل الدار.
والأهل تطلق على أهل البيت الأقربين فقط، وهي أخص من الآل، التي يجوز إطلاقها على أهل البيت الأقربين، ويجوز إطلاقها على الأتباع، والأبعدين من أهل بيت الرجل.