أحد الإخوة الغيارى على لغتهم، ساءه سماع المذيع يجمع كلمة: (أزْمَة) بسكون الزين على (أزَمَات) بفتح الزين، معترضا على تبديل حركة الزين عند الجمع، فرد عليه غيور جاهل آخر بأن جمعها على (أزْمات)، بسكون الزين، خطأ لأن مفردها (أزَمَة)، بفتح الزين.
والحقيقة أن الغيرة على اللغة وحدها، لا تكفي لمنح الغيور سلطة التصويب والتخطيء، حسب ذائقته هو، فللغة قواعدها وضوابطها وقياسها وسماعها.
والقاعدة هنا تقول: يَجِبُ في مثلِ هذه الحالة فتحُ العينِ إتباعًا؛ لأنَّ ما كانَ على وَزنِ (فَعْلَةَ) بِالتَّاءِ أو بغَيرِها، مثلَ: (أزمة)، يَجِبُ فيهِ إتباعُ العَينِ حركةَ الفاءِ، بشُروط: أن يكونَ ثُلاثـيًّا مَفتوحَ الفاءِ ساكنَ العَينِ، وأن تكونَ عينُه سالمةً مِن الإعلالِ والإدغامِ، وأن يكونَ اسمًا لا وَصفًا.
والإتباع هنا معناه، أن تتبع عين الكلمة، (وهي حرف الزين هنا)، حركة فاء الكلمة، (وهي الألف المهموزة هنا)، فنجمع أزْمة، على أزَمات.
فحين طبقنا القاعدة المذكورة على كلمة: (أزْمة)، فإن جمعها لا بد أن يكون على (أزَمات)، بفَتحِ الزين وُجوبًا، لتَوفُّرِ الشُّروطِ السَّابقةِ.
ومن أمثلةِ ذلك في القرآن الكريم: {غَمَرات الموت}، و{حَسَرات عليهم}، و{هَـمَزات الشَّيَاطين}.
فإن تخلَّفَ شرطٌ مِن الشُّروطِ السَّابقةِ لـم يَجبِ الإتباعُ أو لم يَصحّ :فإن كانَ رُباعيًّا: لم يصحّ الإتباعُ، بل تَسلَم الكلمةُ عندَ الجمعِ بالألفِ والتَّاءِ: (مدرسة – مدرسات).
وإن كانَ مضمومَ الفاءِ أو مكسورَها: جازَ فيهِ ثلاثةُ أوجهٍ: الإتباعُ والسُّكونُ والفَتحُ، على تفصيلٍ في ذلك.
وإن كانت عينُه متحرِّكةً: لم يصحّ الإتباعُ كذلك.
وإن كانت عينُه معتلَّةً، فَيجبُ الإسكانُ، ولا يَصحُّ الإتباعُ إلَّا في لُغة هُذيل، فتقولُ: (روضة – روضات)، و(جَوزة – جوْزات) بإسكانِ الوَاوِ على لُغةِ الجمهورِ، وتَقول: (جـَوَزات)، بالإتباعِ على لُغةِ هُذَيل.
وإن كانت عينُه مُدغمةً مُضعَّفةً: لم يصحّ الإتباعُ كذلك، تقولُ: (حَجَّة)، و(حَجَّات).
وإن كانَ وَصفًا: لم يَـجُز الإتباعُ، بل يَجبُ الإسكانُ فرقًا بين الوَصفِ والاسمِ، فتقولُ: امرأة ضَخْمة، ونساء ضَخْمَـات .
بقي أن نذكر أن بعض المحدثين، أجاز جمع أزْمة على أزْمات (بسكون الزين)، ولكن ذلك خلاف الفصيح.