لا تقل: معاهد تعليم السواقة.
وقل: معاهد تعليم السياقة، أو السَوق.
يستسهل العوام استخراج المصدر الصناعي من الفعل ساق، متكئين على مضارعه فيصح لديهم: (ساق، يسوق، سِواقة)، ولا يستسيغون: (ساق، يسوق، سياقة، أو سوقا)، ظانين التصريف الأول صحيحا والثاني خاطئا، بينما ظن بعضهم أن السِواقة صحيحة أيضا لأنها من سَوْق.
والحقيقة أن الألفة مفسدة كبيرة، لمن ألف الخطأ، ولم يستعذب الصواب.
وقد غفل هؤلاء وهؤلاء، عن أن الاستنباط للمصدر الصناعي، يكون من الفعل، وليس من الجذر، وأن أصل الاستنباط هنا هو: ساق يسوق (سواقة)، ولكن الواو تنقلب ياء، لأن الفعل ساق فعل أجوف معتل الوسط، وهو مكسور ما قبل حرف العلة في المصدر: (سِياقة).
ومن أمثلة هذا التصريف من التصاريف الصحيحة المألوفة عند الناس: (خاط، يخيط، خياطة)، و(حاك، يحيك، حياكة).
ولعل قائلا يقول: إن الفعلين: (يخيط ويحيك)، توسطتهما الياء، فكانت الياء لازمة، عندما أصبح مصدرا، فما بالهم بالأفعال: (عاد [زار المريض]، يعود، عيادة)، و(زار، يزور، زيارة)، و(قاد، يقود، قيادة)، و(ساح، يسوح، سياحة)، و(صان، يصون، صيانة)، ولا نقول: (عوادة، ولا زوارة، ولا سواحة، ولا صوانة).
وقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص: (حَضَرْنا عَمْرَو بنَ العاصِ، وهو في سِياقَةِ المَوْتِ، يَبَكِي طَوِيلًا، وحَوَّلَ وجْهَهُ إلى الجِدارِ، فَجَعَلَ ابنُهُ يقولُ: يا أبَتاهُ، أما بَشَّرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بكَذا؟ أما بَشَّرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بكَذا؟ قالَ: فأقْبَلَ بوَجْهِهِ، فقالَ: إنَّ أفْضَلَ ما نُعِدُّ شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ).
و(سياقة الموت): أي: والموت يسوقه إلى نهايته.
بقي أن نذكر أن المصدر اسم يدل على حدث مجرد من الزمن والمصادر هي:
- سماعية: وهي مصادر الأفعال الثلاثية، وسميت سماعية لأنها سمعت عن العرب، وليس لها قاعدة تقاس عليها.
- قياسية: وهي المصادر التي لها أوزان، تقاس عليها، وهي مصادر الرباعي والخماسي والسداسي .
ومصدرنا الذي نتحدث عنه: (السياقة) على وزن فِعَالَة: ويدلّ على حرفة: من زِراعة أو صِناعة أو تِجارة.