قل: ابتكار أنظمة عمل متطورة.
ولا تقل: تطوير أنظمة عمل متطورة.
(الابتكار) و(التطوير)، مصطلحان إداريان حديثان، ولكنهما مشتقان اشتقاقا لغويا صحيحا، ليكونا مصدرين صناعيين على وزني: (افتعال)، و(تفعيل).
وعندما نشتق من اللغة، ومن الجذور، مصطلحا عربيا، لا بد من فهم المعنى الذي يحمله الجذر، وهو: (بكر) في الابتكار، و(طور) في التطوير.
ويجب أن نعرف كذلك، دلالات الوزن الصرفي، الذي ننسج على منواله المصلح الجديد، لنعرف الدلالات، والمعاني اللغوية، التي يدل عليها.
فالابتكار المشتق من الفعل ابتكر، يشتمل على معانٍ عدة منها المبالغة والاتخاذ، وهو أن يتّخذ الفاعل صفة، من لفظ الفعل نفسه: (ابتكر فهو مبتكر والمصدر ابتكار).
وهو من الباكورة وأول كل شيء باكورته.
يقال: أتيته باكرا، ويقال: بكروا بصلاة المغرب، أي صلوها عند سقوط القرص، وأبكر أي: تقدم والمبكر والباكور من المطر، ما جاء في أول الوسمي، وقد ابتكرت الشيء، إذا استوليت على باكورته، وابتكر الرجل: أكل باكورة الفاكهة.
وفي حديث الجمعة: (من بكر يوم الجمعة وابتكر فله كذا وكذا)، وبكر أي: أسرع، وخرج إلى المسجد باكرا، وأتى الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء، فقد بكر إليه، وابتكر أدرك الخطبة من أولها، وقيل: معنى اللفظين واحد، مثل فعل وافتعل، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد.
أما الطَور فهو التارة، وطورا بعد طور، أي تارة بعد تارة.
قال الله تعالى: {وقد خلقكم أطوارا}، معناه ضروبا وأحوالا مختلفة.
وقال الفراء: خلقكم أطوارا أي نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما.
والطور والطوار بالفتح والضم ما كان على حذو الشيء أو بحذائه.
والتصويب الذي نرمي إليه، هو أن نستخدم كلمة (التطوير)، في مكان (التطوير)، وكلمة (الابتكار) في مكان (الابتكار)، وليس الاستئناس بكلمة رنانة، واستخدامها مكان أخرى كقولهم: (نسعى إلى تطوير أنظمة عمل عالية الجودة)، وإنما المناسب هنا أن نقول: (نسعى إلى ابتكار أنظمة عمل عالية الجودة)، لأن التطوير يقع على أمر موجود متحقق، مع نقله من طور إلى طور، تحديثا أو تحسينا أو تنمية، بينما يكون الابتكار المبادرة مبكرا إلى أمر جديد، لإنشائه وصنعه وتأليفه وتناوله.