لا أستخدمه .. لكنه اختاري المفضل

Albaaj1031 أكتوبر 2024آخر تحديث :

لم يدهشني تطبيق الكثير من أفراد الجمهور، (شعار: المترو اختياري) على أنفسهم، فذلك ليس تفضلا منهم، على هذه الوسيلة الحديثة، من وسائل النقل الحديث، ولست في وارد التعرض لمن يتفضل على من، فكلنا نعيش بفضل الله، وقد سخر بعضنا لبعض، لتستمر الحياة، وتزدهر.

لكن العجب أن يتبنى بعض الناس، هذا الشعار – ومنهم محدثكم – دون أن تكون هذه الوسيلة الحديثة، هي الوسيلة الأنسب لهم، ولكنهم أدركوا أنها مناسبة جدا لمجتمعهم، الذي يضم أهواءً وأنواعا وأمزجة، وحاجات مختلفة من البشر.

وقبل أن نتطرق إلى ما يشكله المترو، من توجيه سلوكي وقيمي ينعكس على وعي السكان المروري، سأتطرق إلى قصة طريفة، حدثت معنا أثناء الحج في إحدى السنوات، لتوضح أن من فكر وخطط وأنشأ المترو، لم يكن يريده الوسيلة الوحيدة للجميع، ولا يمكن أن تخطر تلك الفكرة ببال أحد، بل لا بد أن يتوزع الناس بين المواصلات الخاصة والعامة، فوسيلة واحدة لا يمكن أن تسع الناس جميعا.

ففي اليوم الثالث من أيام التشريق هـمَّ جماعة ممن كان معنا في منى، لرمي الجمرات بعد صلاة الفجر، أخذا بالرخصة، وتخفيفا عمن سيرمي بعد الزوال، وهو وقت الاستحباب، فنهاهم أحد المشايخ، ودعاهم للتمهل للرمي معه ظهرا، فأبوا، فلما كانت الظهيرة، ذهب مع فرقة أخرى من الحجاج، ورموا وعادوا يفتخرون بسهولة الرمي، وقلة الازدحام، ويلومون من رمى فجرا، فانبرى لهم أحد المبكرين قائلا: لو لم نرم نحن وأمثالنا، في وقت الرخصة، لما تيسر لكم الرمي بسهولة وقت الاستحباب.

ونحن نقول لمحبي استخدام مركباتهم الخاصة: لو لم تجذب وسائل المواصلات العامة، البرية ومنها المترو، والبحرية، أعدادا كبيرة من أفراد الجمهور، لما خلت لكم الطرقات بهذه السهولة واليسر، فشجعوا غيركم على استخدامها، ليستفيدوا وتستفيدوا.

أما سر (اختياري) فإن للمترو آدابا وسلوكيات، ندرك بعضها ونستوعب الآخر دون إدراك، تساهم في تطور فكر أبناء المجتمع المروري، وتنمي مهاراتهم، وتعلمهم الكثير من الضوابط والسلوكيات، التي لا يكتسبونها من خلال الاحتكاك بالسائقين الآخرين على الطرقات.

فالمترو أكثر وسائل المواصلات سلامة وأمانا، ومستخدمه بعيد كل البعد عن التعرض للحوادث المرورية، وهي ثقافة ستحفز مستخدمه على نقلها معه أينما ذهب، والمترو يسير على مهل ويصل سريعا، وهذا درس آخر لمن أراد أن يتذكر، وهو كذلك منضبط الإيقاع والحركة زمانا ومكانا، وهذه عادة لو تعودها الناس، لما اضطروا لمسابقة الريح للوصول إلى مقاصدهم، مغامرين بالوصول نفسه.

زار إخوان لي دولة عربية اشتهر شعبها بالعفوية والشعبية والبساطة، فكانت المفاجأة الكبيرة، التي لم يتوقعوها أن عالم المترو تحت الأرض، يختلف عن عالم الناس فوقه، حتى بارتفاع أصوات الناس، حينما يخاطب بعضهم بعضا.

فهل لنا أن نسخر الوسائل، والتقنيات الحديثة، للتخلص من عادات وسلوكيات خاطئة، اكتسبناها من وسائل حديثة أخرى، سبقتها إلينا؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.