وجهه بالعمل أم إلى العمل؟
لا شك أن الفعل (وجه، ويوجه) يقبل الاقتران بحرفي الجر (إلى، ويحل محله اللام)، و(الباء)، ولكن لكل منهما معنى يختلف عن الآخر، بل ربما لا يحدث التوجيه المقترن بحرف الجر (الباء)، إلا بعد أن يـُستخلص المعنى من الاقتران بحرف (إلى، أو اللام)، ثم يقترن بالباء لتفصيل المعنى، وإضافة معنى جديد له.
وقبل أن نضرب الأمثال، ونحدد موضع الخلل وسببه، لا بد لنا من معرفة الفرق، في استخدام حرفي الجر (إلى، ويحل محله اللام)، و(الباء).
فحرف الجر (إلى) يفيد انتهاء الغاية الزمانيَّة أو المكانيَّة، كأن تقول انتظرته من الساعة الخامسة إلى السابعة، أو أرسلته إلى البلد الفلاني، وهو ما يناسب معنى التوجيه، فيكون وجهته إلى فعل الخير، بينما يفيد حرف الجر (الباء) الاستعانة، فيكون التوجيه إلى الغاية بتلك الوسيلة، فيصح أن نقول: (وجهته إلى النجاح، بالمثابرة والاجتهاد)، (وجه المسؤول موظفيه إلى الحضور مبكرا، باستخدام المواصلات العامة).
ووجهه إلى الشيء، أو إلى الأمر، أو للشيء، أو للأمر، أي جعل وجهه متجها إليه وله، وكأنه يصرفه إليه، عما سواه، لينال اهتمامه، وكأنه ينظر إليه بوجهه.
وجاء في معاجم اللغة الحديثة: (وجَّه الشَّيءَ إلى جهة كذا: أداره إليها)، و(وَجَّهَ الكَلاَمَ إِلَيْهِ مُبَاشَرَةً: خَاطَبَهُ وَجْهاً لِوَجْهٍ)، و(وجَّه الميِّت إلى القِبلة: جعل وجهه نحوها)، و(وجَّه إليه تُهْمةً: ألصقها به)، و(وجَّه جُهْدَه نحو الهدف: ركَّز جهدَه عليه)، و(وجَّه الشّخصَ في حاجة: أرسله)، و(وَجَّهَ نَظَرَهُ صَوْبَ الْحَاضِرِينَ: حَوَّلَهُ صَوْبَ).
ولا يصح ما تروجه وسائل الإعلام، وبعض الكتاب، أبدا أن نقول: (وجه بإرسال مساعدات للمنكوبين)، بل يجب أن تكون الجملة: (وجه إلى إرسال مساعدات إلى المنكوبين).
وجاء في السنة المطهرة: (اللهمَّ أَسْلمْتُ نَفسي إليكَ، ووجَّهْتُ وجْهِي إليكَ، وفَوَّضْتُ أَمْرِي إليكَ).
وأخيرا لا يصح أن نقول: (وجهه بالعمل الجاد المخلص)، إلا أن تكون: (وجهه إلى النجاح بالعمل الجاد المخلص).