مالك بن الريب المازني التميمي، شاعر طلب منه أمير خراسان حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يذهب معه في الغزو، فأطاعه حتى كان في الطريق لدغته أفعى، وجرى السم في جسمه فأحس بالموت، فرثى نفسه بقصيدة، لم يكتب قبلها شعرا، ومنها:
- تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي /// سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا
- تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ /// سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا
- ولمّا تراءتْ عند مَروٍ منيتي /// وخلَّ بها جسمي، وحانتْ وفاتيا
- أقول لأصحابي ارفعوني فإنّه /// يَقَرُّ بعينيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا
- فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا /// برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا
- أقيما عليَّ اليوم أو بعضَ ليلةٍ /// ولا تُعجلاني قد تَبيَّن شانِيا
- وقوما إذا ما استلَّ روحي فهيِّئا /// لِيَ السِّدْرَ والأكفانَ عند فَنائيا
- وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجَعي /// ورُدّا على عينيَّ فَضْلَ رِدائيا
- ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكما /// من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا
- يقولون: لا تَبْعِدْ وهم يَدْفِنونني /// وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا
- فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالكٍ /// كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا
- وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَني * بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ المُداويا
- فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي * وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا
- وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ * ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا