الفتيات يغردن في الأعراس أم يزغردن؟
لو سألتهن، لفضلن وصف أصواتهن وأنغامهن، التي يصدرنها عند الفرح، ووقت دخول العروس بالزغردة، لما درجت عليه عادتهن، ولاحتواء الكلمة على حرف (الزين)، الذي ميزها عن الكلمة الأخرى، ولما للحرف من حدة في الأسماع.
وربما كان من أسباب اختيار الزغردة، وتفضيلها على التغريد، أن التغريد صوت حيوان، حتى لو كان طائرا جميلا، فاختيار غير صوت الحيوان، كناية عن الأصوات الجميلة، المعبرة عن الفرح، أحب إلى الناس من تشبيه أصواتهن بصوت الطائر الحيوان، مهما كان جميلا.
ولكن الحقيقة مؤلمة لو أدركتها النساء، فالتغريد صوت الحيوان: (الطائر)، ولكنه صوت جميل، وغالبا ما يكون صاحبه جميلا ولطيفا وممتعا ومؤنسا، ومنه تعلم البشر فنون الموسيقى والطرب، قبل أن يطربوا بألحانهم وآلاتهم.
والغرد بالتحريك التطريب في الصوت والغناء.
قال الليث: كل صائت طرب في الصوت غرد، والفعل غرد يغرد تغريدا، وقال الأصمعي: غرد الطائر فهو غرد، وكذلك الحمامة.
أما الزغردة فهي صوت حيوان آخر، لا أظن امرأة لطيفة وديعة رقيقة، تتمنى أن يشبهها أحد به، أو يشبه صوتها بصوته.
فالزغردة هي هدير يردده الفحل (البعير) في حلقه، معبرا من خلاله عن حاجاته ورغباته، ثم استعارته النساء مصطلحا يعبرن به عن فرحهن وسعادتهن، بأصوات يصدرنها، هي في حقيقتها أقرب إلى تغريد الطيور، منها إلى زغردة البعير.
وقد جاء في الأثر أن أول من أصدر هذا الصوت فرحا، هي أمنا حواء، وذلك عندما رأت زوجها آدم أول مرة، بعد هبوطهما إلى الأرض.
بقي أن نشير إلى أن حكم الشرع في هذا الصوت، الذي يصدر عن المرأة في الأعراس، ويسميه بعضهم: (زغروطة)، (وزغرودة)، ويسميه غيرهم: (التلويش)، يخضع لأحكام الغناء نفسها، من حيث الحل والحرمة والكراهة.