كلفته الأمر أم بالأمر؟

Albaaj1016 أكتوبر 2024آخر تحديث :

 

أصل الكلف ـ كما جاء في معاجم اللغة ـ لون يعلو الوجه كالسمسم، وقيل لون بين السواد والحمرة، وقيل هو سواد يكون في الوجه، ويقال للبهق كلف.

والفعل كـَلـَفَ (دون تشديد)، فعل لازم بمعنى أصابه الكلف، مثل: مرِضَ بمعنى أصابه المرض، ويتعدى إلى مفعوله بحرف الباء السببية (بحبها)، ليكون المعنى أن حبها أصبح كأنه كلف فيه، أي أصبح الرجل، كلفا بسبب هذا الحب.

فتعدي الفعلِ اللازم بالباء، عندما يكون الفعل كـَلــَـف (دون تشديد)، يكون بمعنى تعلق أو أحب، كقولهم: وكلف بالشيء كلفا وكلفة، فهو كلف ومكلف لهج به، وكلف بها أشد الكلف أي أحبها، ورجل مكلاف محب للنساء، ويقال: كلفت (دون تشديد) بهذا الأمر، أي تعلقت به وأحببته.

أما فعل كلـَّفَ المضعف المشدد: (كلفه الأمر)، (بمعنى أسند له مهمة)، أي جعل الأمر لازما وملاصقا له، وكأنه جعله كلفا على وجهه، فهو فعل متعد إلى مفعولين، ولا يتعدى بحرف الجر الباء، لأن ذلك يصبح تكلفا، لا حاجة له في اللغة، فلا يجوز أن نقول: كلـَّفـَه (المضعف) بأمر معين، بل نقول كلفه الأمر، ومن شواهد ذلك، انتقال الفعل اللازم إلى التعدي بعد أن يصبح مضعفا، شرب: شرَّب، ذهب: أذهب.

وهذا القول المأثور يجمع المعنيين: (أراك كـَلـَـفـْت بعلم القرآن وكـُلـِّـفـْـتـَـه) أي أحببته وألزمت نفسك فعله.

وقد ورد فعل التكليف في القرآن مرارا دون أن يتعدى بالباء كقول الله تعالى: {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا}، وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}.

وجاء في الحديث النبوي: (من كذب في حلمِه كُلِّفَ يومَ القيامةِ عَقْدَ شعيرةٍ)، و(مَنْ أعتَق نصيبًا له في إنسانٍ أو مملوكٍ كُلِّف عتقَ بقيتِه فإنْ لم يكنْ له مالٌ يُعتِقُه به فقد جاز ما عتَق)، و(للمملوكِ طعامُهُ وكسوتُهُ بالمعروفِ، ولا يُكَلَّفُ من العملِ إلا ما يطيقُ).

وذهب بعض اللغويين المتأخرين إلى إجازة تعدي الفعل (كلـَّف) بعد المفعول الأول، بحرف الجر في المفعول الثاني، خلافا لما جاء في القرآن والسنة ولغة العرب، ولكنهم غفلوا عن أن ذلك يضعف المعنى، ويجعل المفعول به الثاني مدار الحديث، وعلته وسبب وجوده.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.