يساهم الشعراء والمثقفون والأدباء أحيانا، في انتشار الاستخدامات الخاطئة في اللغة العربية، ويتبعهم العوام بسبب ثقتهم بهم وبعلمهم، ويصبح قول المثقف قاعدة.
وممن ساهم في انتشار الخطأ الشائع: (خارطة الطريق) بمعنى خريطة الطريق، أحد الشعراء المشهورين في القرن الماضي، في إحدى قصائده المغناة، التي ورد بها هذا النص: (جسمك خارطتي.. ما عادت خارطة العالم تعنيني).
فأصبحت خارطة العالم مألوفة جدا في الذاكرة، وراح الناس يستخدمونها، على الرغم من أنها استخدام خاطئ.
فالصواب هو أن نقول: خريطة الكرة الأرضية، وجمعها خرائط، والخريطة في الأصل: وعاء من جلد أو نحوه يُشَدّ على ما فيه، وفي اصطلاح أهل العصر: ما يُرسَمُ عليه سطح الكرة الأرضية، أو جزء منه، أو ما يعد خطة عمل، تحدد مراحله وخطواته.
ومنه الحديث الذي رواه الهيثمي عن أم سلمة رضي الله عنها: (إني لأعلم أكثر مال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله تعالى قدم عليه في جنح الليل خريطة فيها ثمانمئة درهم وصحيفة).
والخريطة اسم مفعول من الصفة المشبهة (فعيل)، استنبط من أصل الفعل خرط، ولا يصح أن يستخرج اسم الفاعل (خارط) ليدل على معنى خرط بمعنى الخريطة.
وخرط الشيء: أي أخضعه، وتمكن منه، وعراه، وخرط الشجرة: نزع لحاءها، والمرأة تزوجها، وانخرط الرجل في الأمر وتخرط: أي ركب فيه رأسه من غير علم ولا معرفة.
وفي حديث علي كرم الله وجهه أنه أتاه قوم برجل فقالوا: إن هذا يؤمنا ونحن له كارهون، فقال له علي: إنك لخروط أتؤم قوما وهم لك كارهون؟
والخروط الذي يتهور في الأمور، ويركب رأسه في كل ما يريد بالجهل، وقلة المعرفة بالأمور كالفرس الخروط.
كما يقال: خرط الإبل في الرعي خرطا أرسلها، ورجل مخروط قليل اللحية.
أما (الخارطة) فلها معان كثيرة، منها الكاذبة، والدابة الجامحة، وكل اسم فاعل من الفعل خرط.
وبعير خارط: أي أكل الرطب فخرطه، وكذلك ناقة خارطة، وحمار خارط، وهو الذي لا يستقر العلف في بطنه، وكذلك إتان خارطة.