في لغة العرب ليس هناك لفظ بلا معنى، وليس هناك زيادة في المبنى، دون أن يترتب عليها زيادة في المعنى، وإلا كان ذلك عجزا وضعفا.
وحين نقول: المدير في المكتب فإن إعرابها هو:
المدير: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.
في المكتب: في: حرف جر، المكتب: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور متعلقان بخبر محذوف وجوبا تقديره موجود، وهو محذوف لأنه لا قيمة، ولا معنى له، بوجود الجار والمجرور، اللذين أديا المعنى كاملا.
والوجود بعكس العدم، والموجود بعكس المعدم.
قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}، أي لأحسوا بوجوده.
وقال: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}، أي انفقوا عليهن مما تجدون من قدرة.
والأصل في الوجد الإحساس بالشيء وبوجوده، وجد مطلوبه، ووجد الشيء يجده، ووجد المال وغيره يجده، وقد وجد جـِدة أي استغنى غنى لا فقر بعده، ووجد به وجدا في الحب والعشق، وإنه ليجد بفلانة وجدا شديدا، إذا كان يهواها ويحبها حبا شديدا، ووجد الرجل في الحزن وجدا، ووجد كلاهما أي حزن، وقد وجدت فلانا فأنا أجد وجدا، وذلك في الحزن، وتوجدت لفلان أي حزنت له، وتوجد فلان أمر كذا إذا شكاه، وهم لا يتوجدون سهر ليلهم، ولا يشكون ما مسهم من مشقته، وتواجد العشيقان أي أحس كل منهما بوجد الآخر وعشقه.
والتواجد لا يكون من شخص واحد فهو من أفعال التفاعل، ويتطلب مشاركة من اثنين أو أكثر، فالجمع متواجدون، أي متحابون، وأحدهم واجد، والاثنان متواجدان، أي متحابان، وأحدهما واجد، ولا يصح أن يكون أحدهما وحده متواجدا، كما لا يصح أن يكون متخاصما.