انتشر بين الناس قولهم: (هذا مستهتر بالقيم والأخلاق، أو مستهتر بعبادة ربه)، وهم يقصدون الذم والتوبيخ، بحق من يصفونه بذلك.
ولكن الحقيقة بعكس ذلك تماما، لأن الاستهتار هو الولوع بالشيء، والإفراط فيه، حتى كأنه أهتر أي خرف، ورجل مستهتر لا يبالي ما قيل فيه، ولا ما قيل له، ولا ما شتم به، وفلان مستهتر بالشراب، أي مولع به، لا يبالي ما قيل فيه.
وفي الحديث: (سِيروا سبقَ المُفرِّدونَ)، قالوا: يا رسولَ اللهِ وما المُفرِّدونَ؟ قال: (الذين يهتِرون بذكرِ اللهِ، يضعُ الذكرُ عنهم أوزارَهم أو خطاياهم، فيأتون يومَ القيامةِ خِفافًا).
ومعنى أهتروا في ذكر الله أي خرفوا، وهم يذكرون الله، يقال خرف في طاعة الله، أي خرف وهو يطيع الله.
وجاء في حديث آخر: (إن السابقينَ الذين يَهْتُرُونَ بذكرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، فمن أحبَّ أن يرتَعَ في رياضِ الجنةِ، فليُكْثِرْ من ذكرِ اللهِ).
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: اللهم إني أعوذ بك أن أكون من المستهترين، أراد المستهترين بالدنيا، أي المبالغين في حب الدنيا).
وجاء في لسان العرب: رجل مهتر مخطئ في كلامه، والهـُتر بضم الهاء، ذهاب العقل من كبر أو مرض أو حزن، والمهتر الذي فقد عقله من أحد هذه الأشياء، وقد قالوا: أهتر الرجل فهو مهتر، إذا فقد عقله من الكبر وصار خرفا، وروى أبو عبيد عن أبي زيد أنه قال: إذا لم يعقل من الكبر قيل أهتر فهو مهتر، والاستهتار مثله، وفلان مستهتر بالشراب أي مولع به، لا يبالي ما قيل فيه.
وقال ابن الأنباري في قوله: فلان يهاتر فلانا، معناه يسابه بالباطل من القول.
وقال غيره: المهاترة القول الذي ينقض بعضه بعضا، وأهتر الرجل فهو مهتر، إذا أولع بالقول في الشيء، واستهتر فهو مستهتر إذا ذهب عقله فيه، وانصرفت همته إليه، حتى أكثر القول فيه بالباطل.
وتهاتر القوم: ادعى كل واحد منهم على صاحبه باطلا، ومضى هتر من الليل، إذا مضى أقل من نصفه.