المطر للرحمة والعذاب

Albaaj1015 أكتوبر 2024آخر تحديث :

 

أمطرت السماء على الظالمين مطر ا.

مطرت السماء على المؤمنين مطرا.

 حين يفيض الله برحمته وفضله وبركاته، من غيث السماء على الأرض كل عام، يشيع بين بعض المثقفين ـ المتحمسين دينيا ـ أن كلمة مطر تعني العذاب، ولا تعني الرحمة أبدا، مستدلين على ذلك بآيات من كتاب الله، جاءت فيها كلمة (مطر) بمعنى العذاب، ومنها: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}.

ومنها: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا}.

ولكن الحقيقة ليست كما ذكروا، بحصر معنى المطر بالعذاب، فقد ورد في القرآن نفسه المطر بمعنى الماء المنهمر من السماء بقوله: {…. وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}، فلم يكن المطر هنا بمعنى العذاب.

كما وردت الكلمة في السنة المطهرة بمعنى الماء المنسكب من السماء، وبمعنى الغيث والرحمة تحديدا، فقد روى مسلم عن أنس بن مالك قوله: (أصابنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مطرٌ، قال: فحسَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثوبَه، حتى أصابه من المطرِ، فقلنا: يا رسولَ اللهِ، لم صنعت هذا؟ قال: “لأنه حديثُ عهدٍ بربِّه تعالى”).

ومنه ما رواه البخاري عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: مُطِرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: “قال اللهُ: (أصبَح من عِبادي كافرٌ بي ومؤمِنٌ بي)”.

فالمطر هو الماء المنهمر من السماء، والميم لابتداء فعل قطر الماء، والطاء لسلوكه مسلكا طويلا من السماء إلى الأرض، والراء لتكرار الفعل مع كل قطرة ماء.

ومطرت السماء أي: أنزلت ماءً، فالجو ماطر، وأمطرت السماء، بزيادة الهمزة، وزيادة المعنى أي: أنزلت مطرا شديدا، فالجو ممطر، وهو ما يكون عادة بمعنى العذاب، لأثره المدمر، ولذلك يكنى عن العذاب بالمطر، لتشابههما في أنهما ينزلان من السماء، ويكون لهما أثر مدمر، ولكن ليس كل مطر عذابا، لأنه قد يكون مطرا شديدا، على البراري والصحراء فلا يكون مدمرا.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.