مقدمة قل ولا تقل .. الخطأ المشهور أم الصواب المهجور؟

Albaaj1014 أكتوبر 2024آخر تحديث :

 حين نتكلم عن الخطأ والصواب في اللغة العربية، فإن ذلك مرتبط بما هو أكبر من اللغة العربية ذاتها، وهو كلام الله الذي أنزله في كتابه، وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وكل ما دوَّنه العرب، من علوم نظرية وعملية، وآداب وثقافات، خلال أكثر من 1400 سنة.

إن اللغات الأخرى على مختلف مستويات أصالتها وعمقها وتنوعها، يقر أهلها بأنها تتطور وتتغير، ويقرون بأن فيها أخطاءً، وأن أجزاء منها تندثر كل حين، لعدم الحاجة إليها، أو لعجز أهلها عن المحافظة عليها، وأن الزمن كفيل باستحداث قواعد جديدة فيها، ولا يوجد فيها كتاب مقدس، جاء بها ولايزال بها، حتى تصبح من أصول عقيدتها.

أما اللغة العربية، فقد وصلت إلى مرحلة الكمال، لكي تستوعب كتاب الله، فأصبحت حاضنته، وأصبح حاضنها، فاكتسبت منه قداسة لا تنبغي لغيرها، وهو الكتاب الذي لا يمكن أن يكون فيه أي خطأ: (تعالى الله علوا كبيرا)، وهي تجدد نفسها بتلقائية، وتتطور اصطلاحا واستنباطا، بناء على أسس راسخة، يرى بعض فقهاء اللغة، أنها وقفية من عند الله، وليست اتفاقية بين البشر.

ومعنى أن نقر الخطأ الشائع، ونسير خلف القول الباطل: (الخطأ المشهور خير من الصواب المهجور)، أن نقر بإدارة ظهورنا لكتاب الله سبحانه وتعالى، ولسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنوزنا العظيمة من الفكر والمعرفة، التي تركها لنا الأولون، وأن يأتي جيل بعد ذلك لا يفهم معاني كتاب الله، ولا يفقه حديث رسول الله ولا سنته، ولا يفهم من إرثه العظيم شيئا، بل يفهمه مقلوبا، فيكون صاحب القول الخبيث قد حقق مراده، بسلخ الأمة عن هويتها، ليسهل عليها ابتلاعها، وتحويلها إلى تابع بقوله وفكره.

كما إننا لا يمكن أن نتفق، ـ نحن الأمة التي تمتد من أقصى عمان شرقا، إلى أقصى المغرب غربا، مع ما يحيط بنا من مسلمين يوقرون لغة كتاب الله، ـ على الأخطاء الشائعة، ونجعلها صوابا، وأسهل من ذلك بكثير أن نحيي الصواب ونتبعه، لأنه لا يحتاج إلى اتفاق مسبق، فكل باحث عن الصواب يصل إليه بسهولة، لأن هناك قواعد ومسلمات وضوابط راسخة تضبطه، وتصوب الخطأ كلما وقع به جاهل، و(الصواب المهجور خير وأكمل وأجمل، من الخطأ المشهور)، مهما هجرنا الصواب وأشهرنا الخطأ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.